تناولت المجلات القديمة موضوعات، وقضايا مشابهة لقضايا العصر الحالى، ولأننا نعيش حاليا زمن كورونا بما يعنى الحديث عن الأوبئة والمضادات الحيوية، فإن ذلك يجعلنا نقرأ ما كتبته مجلة المقتطف في عددها الصادر في شهر مارس من عام 1921.
كتبت المجلة تحت عنوان "التطعيم أو التلقيح فى الطب"
ما من أحد من قراء المقتطف إلا وهو يعلم أن التطعيم أو التلقيح يستعمل للوقاية من الجدرى وأن أمراضا أخرى صارت تعالج الآن بالتطعيم أو التلقيح إما للوقاية منها قبل الإصابة بها أو لشفائها بعد الإصابة، ولكن قل منهم من يعلم كيف يفعل الطعم أو اللقاح حتى يقى الجسم من المرض أو يشفيه منه، فرأينا أن نشرح ذلك شرحا يوضح هذا الموضع لغير الأطباء.
لقد ثبت بالبحث والامتحان أن لأكثر الأمراض جراثيم حية تدخل الجسم وتمرضه ولكن الجسم يتحفز لمقاومتها ويكوِّن مواد يراد بها أن تميتها، وقد أطلق على هذه المواد اسم المضادات وإذا أنقذت الجسم فإن بعضها يبقى فى الدم زمنا قد يبلغ سنوات عديدة وهذا هو السبب فى أن بعض الأمراض يصاب به الإنسان مرة واحدة لأن هذه المضادات التى أنقذته فى النوبة الأولى تبقى فى جسمه فتعجز جراثيم ذلك المرض وعن الفعل به مرة أخرى.
وإذا أخذنا جانبا من مصل دمه ولقحنا به إنسانا آخر معرضا لهذا المرض فإن المضادات التى فى هذا المصل تقى هذا الإنسان كما وقته الأول على شرط أن تكون كثيرة فى ذلك المصل.
وعلى هذا النمط يمكن أن نولد فى دم حيوان من الحيوانات مقدارا كبيرا من هذه المضادات حتى إذا لقحنا بمصل دمه إنسان وقاه من جراثيم المرض الذى يولد هذه المضادات أو شفاه منها، ويمكن حفظ هذا المصل فى زجاجة نظيفة إلى حين الحاجة إليه، ويطلق على هذا النوع من العلاج اسم العلاج المصلى، ولكن الوقاية المترتبة على هذا العلاج قصيرة المدة فإذا استطعنا أن ندخل جراثيم المرض نفسها فى جسم الإنسان فإنها تحمله على وقاية نفسه بتكوين هذه المضادات فيكونها ويقاوم بها الجراثيم المرضية التى دخلته.