كان حظ زهير بن أبى سلمى من الشعر عاليا، فقد نشأ فى أسرة يكتب أهلها الشعر، فقد كان أبوه شاعرا، وخاله شاعرا أيضا، وكان حسبه عاملا قويا على إحساسه بنفسه.
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم/ بحومانة الدراج فالمتلثم
ودار لها بالرقمتين كأنها/ مراجيع وشم فى نواشر معصم
بها العين والآرام يمشين خلفة/ وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
ولد زهير ابن أبى سلمى تقريبا فى سنة 520 ميلادية، وكان صاحب مكانة فى قومه وصاحب رأى يرجع إليه الناس فى أفراحهم وأحزانهم، وظهر ذلك فى شعره المسكون بالحكمة.
سئمت تكاليف الحيـاة ومن يعش/ ثمانين حولا لا أبـا لك يسأم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب/ تمته ومن تخطىء يعمر فيهرم
ومن لم يصانع فى أمور كثيرة/ يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
وظل اسم زهير بن أبى سلمى دالا على نوع من الرجال عرفه العرب يرتبط بالقيم الإنسانية، حتى بعد الإسلام، فقد قال ابن عباس "خرجت مع عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، فى أول غزاة غزاها فقال لى (أنشدنى لشاعر الشعراء، قلت ومن هو يا أمير المؤمنين؟، قال: ابن أبى سلمى، قلت: وبم صار كذلك؟، قال: لأنّه لا يتبع حوشى الكلام، ولا يعاظل فى المنطق، ولا يقول إلّا ما يعرف، ولا يمتدح أحداً إلّا بما فيه".
ومن يجعل المعروف من دون عرضه/ يفره، ومن لا يتق الشتم يشتم
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضله/ على قومه يستغن عنه ويذمم
ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه/ إلى مطمئن البر لا يتجمجم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه/ ولو رام أسباب السماء بسلم