استطاع عمرو بن كلثوم التغلبى الذى توفى سنة 584م، أن يصنع اسما خالدا، من خلال الشعر، فهو شاعر عاش قبل الإسلام، من أصحاب المعلقات ولد فى جزيرة العرب فى نجد وتجول فى الشام والعراق.
ألا هبى بصحنك فأصبحينا/ ولا تبقى خمور الأندرينا
مشعشعة كأن الحص فيها/ إذا ما الماء خالطها سخينا
تجور بذى اللبانة عن هواه/ إذا ما ذافها حتى يلينا
هذا الرجل خلدته قصيدته، لأنها عبرت بصدق عن الحياة وعن الشخصية العربية في ذلك الزمن، حيث الكرامة بالمعنى المباشر تعلو على كل شىء، لقد اشتهر بقتله الملك عمرو بن هند ملك المناذرة.
قفى قبل التفرق يا ظعينا/ نخبرك اليقين وتخبرينا
قفى نسألك هل أحدثت صرما/ لوشك البين أم خنت الأمينا
بيوم كريهة ضربا وطعنا/ أقر به مواليك العيونا
وأن غدا وأن اليوم رهن/ وبعد غد بما لا تعلمينا
تقول القصة فى ذلك، إن أم عمرو بن هند ادعت يوماً أنها أشرف نساء العرب فهى بنت ملوك الحيرة وزوجة ملك وأم ملك فقالت إحدى جليساتها: "ليلى بنت المهلهل أشرف منك فعمها الملك كليب وأبوها الزير سالم المهلهل سادة العرب وزوجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وولدها عمرو بن كلثوم سيد قومه" فأجابتها: "لأجعلنها خادمةً لى"، ثم طلبت من ابنها عمرو بن هند أن يدعو عمرو بن كلثوم وأمه لزيارتهم فكان ذلك.
أبا هند فلا تعجل علينا/ وانظرنا نخبرك اليقينا
بأنا نورد الرايات بيضا/ ونصدرهن حمرا قد روينا
وأيام لنا غر طوال/ عصينا المك فيها أن ندينا
وأثناء الضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها فأشارت إلى جفنة على الطاولة وقالت " يا ليلى ناولينى تلك الجفنة" فأجابتها: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها" فلما ألحت عليها صرخت: "واذلاه" فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالساً مع عمرو بن هند فى حجرة مجاورة فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله خارج القصر فقاموا بنهبه.