هل سمعت عن عروة بن الورد؟ بداية عليك ألا تغتر باسمه الرقيق، لقد كان واحدا من أشهر الصعاليك فى عصر ما قبل الإسلام، هؤلاء الذين لم يولدوا فى القصور ولا كانوا أبناء النخبة، فقرروا أن يملكوا أقدارهم بأيديهم.
أقلى على اللوم يا بنت منزر/ ونامى وغن لم تشتهى النوم فاسهرى
ذرينى ونفسى أم حسان إننى / بها قبل أن لا أملك البيع مشترى
أحاديث تبقى والفتى غير خالد/ إذ هو هامة فوق ضير
تقول كتب التراث إنه كان أمير الصعاليك، فقد جمعهم وقام بأمرهم، وإضافة إلى كونه شاعرا فهو فارس من فرسان العرب المشهورين، يقال إنه كان يسرق ويطعم الفقراء، دأبه فى هذا دأب الصعاليك الذين امتهنوا سرقة الأغنياء وإطعام الفقراء.
ذرينى أطوف فى البلاد لعلنى/ أخليك أو أعنيك عن سوء محضرى
فإن فاز سهم للمنية لم اكن/ جزوعا وهل عن ذاك من متأخر
وإن فاز سهمى كفكم عن مقاعد/ لكم خلف أدبار البيوت ومنظر
كان عروة بن الورد كريمًا شجاعًا، عُرفت عنه المروءة والفروسية، حتَّى قال عنه عبد الملك بن مروان: "من قال إن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد"، وقد جاء فى كتاب الأغانى لأبى فرج الأصفهانى عن عروة: "كان عروة بن الورد إذا أصابتِ النَّاس سنى شديدة تركوا فى دارهم المريض والكبير والضعيف، وكان عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من دون الناس من عشيرته فى الشدة، ثمَّ يحفر لهم الأسراب ويكنف عليهم الكنف ويكسبهم، ومن قوى منهم -إما مريض يبرأ من مرضه، أو ضعيف تثوبُ قوته- خرج به معه فأغارَ، وجعلَ لأصحابِهِ الباقين فى ذلك نصيبًا، حتى إذا أخصب الناس وألبنوا وذهبت السنة ألحق كل إنسان بأهلِهِ وقسَّم له نصيبَهُ من غنيمةٍ إنْ كانوا غنموها، فربَّما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى، فلذلك سُمّى عروة الصعاليك".