يبدو أن اللغة الفرنسية فى المرحلة المقبلة سوف تحقق وجودا أفضل فى المجتمع المصرى، وذلك بعدما وافق مجلس النواب، خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم الإثنين، على قرار رئيس الجمهورية مصر العربية رقم 79 لسنة 2021، بشأن الموافقة على اتفاق الشراكة بين جمهورية مصر العربية والوكالة الفرنسية للتنمية لتنفيذ مشروع التعاون الفنى لدعم تدريس اللغة الفرنسية كلغة أجنبية فى المدارس الحكومية المصرية، والموقع بتاريخ 27 ديسمبر 2020.
وبحسب كتاب "المندوبون الساميون فى مصر، ودورهم فى نشر التعليم والثقافة" للدكتورة ماجدة محمد محمود، فإن اللغة الفرنسية كانت هى لغة القرن 19 لأنها اللغة التى اعتمدتها الدبلوماسية، حيث كانت لغة الاتصال بين الجاليات الأجنبية والمصالح الحكومية، وكانت اللغة التى اعتمدتها مصر كذلك خلال تلك الفترة كلغة رسمية وأساسية بعد اللغة العربية، كذلك وكانت مصر تستمد من فرنسة المدرسين والكتب المدرسية لترجمتها إلى اللغة العربية.
ويوضح كتاب "أحلام يقظة جوال منفرد" لجان جاك روسو، وترجمة ثريا توفيق، أن اللغة الفرنسية خلال تلك الفترة كانت اللغة الأوروبية التى تدرس فى الابتدائية والثانوية الخاصة، وكانت لغة ترجمة الكتب العلمية.
ويستشهد لكتاب "الأمانى الوطنية والمشكلات المصرية فى الصحف الفرنسية" تأليف الدكتور محمود نجيب أبو الليل، لمقالة فرنسية كتبت عام 1911، بأن غالبية المصريين كانوا يملون إلى الثقافة الفرنسية وتلقى العلم بلغتها، وأن مستوى التعليم آخذ فى التقهقر منذ أن ألغيت اللغة الفرنسية من المدارس، وتدلل على قولها بسوء الامتحانات فى جميع المدارس، كما تستشهد باعتراف سعد زغلول باشا، وزير المعارف السابق فى حديث مع إحدى مندوبى الصحف بهذه الحقيقة.
وتذكر المقالة أيضا أن البرنس فؤاد باشا (الملك فؤاد) مدير الجامعة المصرية الأسبق قبل توليه حكم مصر، كان يؤيد هذا الرأى ذاته فى حديث له مع إحدى الصحف الباريسية، حيث يقول إنه رغم ما بذله الإنجليز فى سبيل نشر لغتهم فإن اللغة الفرنسية ظلت فى مصر الأكثر انتشارا بعد العربية.
ويرجع الكتاب سالف الذكر، بداية محاولات نشر الإنجليزية كلغة أساسية بدلا من الفرنسية إلى اللورد كومر المندوب السامى البريطانى فى مصر، حيث وصفته مقالة فرنسية أيضا بـ"سيد الأقدار فى مصر ومحور السياسة الإنجليزية فى إفريقية" لأنه فى رأيها قد جاهد دون هوادة خلال ربع قرن فى سبيل انتزاع النفوذ الفرنسى من مصر، وكانت خطته فى هذا النضال الطويل أن ينفذ فكرة كان يبدو من الصعب تحقيقها، وهى أن يجعل إنجلترا سيدة الموقف فى مصر، فى الوقت الذى يعمل فيه على أن تكون صديقة وحليفة لفرنسا، وقد نجح هذا الداهية فى ذلك إلى حد بكير على حد وصف المقال.