يعد الفرزدق واحدا من أشهر شعراء العصر الإسلامى، جاءت شهرته من كونه وجرير كانا يتهاجيان دائما بالشعر، والفرزدق اسمه همّام بن غالب بن صعصعة، مولود فى البصرة فى السنة العشرين للهجرة، ورغم شهرة شعره في الهجاء، ولكن كان له عالم شعرى آخر منسوب إليه، من ذلك قصيدة شهيرة جدا فى مدح الإمام "على زين العابدين" ابن سيدنا الحسين بن على بن أبى طالب.
هذا الذى تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقى النقى الطاهر العلم
تقول قصة القصيدة أن هشام بن عبد الملك قبل تولّيه الخلافة قصد الذهاب إلى الحجّ وذلك فى أيّامِ حُكْمِ والده عبد الملك بن مروان، وبذل ما بوسعه للوصول إلى الحجر الأسود، إلّا أنّهُ لم يتمكّن منه لكثرة ازدحام الحجيج، فقاموا بنصب كرسيًّا لهُ، يُراقب من خلاله جموع الحجيج الغفيرة، وبينما هو كذلك إذ أقبل على البيت على بن الحسين الملقب بـ زين العابدين.
هذا ابن فاطمة إن جاهله
بجده أنبياء الله قد ختموا
وليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
وقام على زين العابدين بالطواف بالبيت، وعندما أراد أن يصل للحجر الأسود أتاح الناس المجال إليه وانفرجوا وتنحّوا عنه هيبةً وإجلالًا لهُ.
كلتا يديه غياث عم نفعهما
يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة، لا تخشى بوادره
يزينه اثنان: جسن الخلق والشيم
حينها اغتاظ هشام وتساءل عن هذا الرجل، ويقال بأن من حول الأمير الأموى راحوا ينكرون معرفتهم بـ زين العابدين، ولكن الفرزدق الذى كان شاهدًا على هذا الحدث لم يحتمل الصمت فقال هذه القصيدة.
حمال أثقال أقوام إذا افتدحوا
حلو الشمائل تحلو عنده نعم
ما قال: لا قط، إلا فى تشهده
لولا التشهد كانت لاءه نعم