تمر اليوم الذكرى الـ17 على قيام سلطة الحدائق الإسرائيلية بهدم جزء من سور مقبرة الرحمة المحاذية للمسجد الأقصى، والتى تحوى رفات قبور للصحابة والتابعين والعلماء المشهورين، وذلك فى 18 مارس عام 2004، وهى إحدى أشهر المقابر الإسلامية فى القدس، وتقع تحديدًا عند السور الشرقى للمسجد الأقصى.
تحوى مقبرة باب الرحمة على العديد من قبور الصحابة وعلى قبور لمجاهدين اشتركوا فى فتح القدس أثناء الفتحين العمرى والأيوبى، تنوى الحكومة الإسرائيلية تحويل جزء من المقبرة لحديقة توراتية ضمن مشروعها لتهويد المدينة.
ووفقا لدراسة نشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية فى العدد (117) لعام 2019، أعدها الدكتور نظمى الجعبة، تحت عنوان "مقبرة باب الرحمة"، يمكن القول إن مقبرة باب الرحمة، أقدم المقابر الإسلامية فى القدس، إذ دفن فيها الرعيل الأول من المسلمين الذى استقروا فى القدس بعد السيطرة عليها قرابة سنة 638م، والدليل على ذلك أنها ضمت قبور كل من الصحابة: عبادة بن الصامت، وهو أول قاضى مسلم يعين على فلسطين، وشداد بن أوس، وكان فقيها عالما وولى حمص قبل أن يستقر فى بيت المقدس ودفن فيها، وكذلك دفن بها الأصبع التميمى، وتبعهم فى ذلك عدد كبير من التابعين والشخصيات الإسلامية، كما يوجد العديد من القبور التى يعود تاريخها إلى جميع الفترات الإسلامية ومنها مقابر شيوخ وعلماء، كذلك تضم مقابر شهداء 1948، 1967، وانتفاضة 1987، انتفاضة 2000، مذبحة الأقصى 1990، انتفاضة النفق 1996.
وتسمية باب الرحمة اشتقت من إحدى بوابات المسجد الأقصى، ويسمى فى التراث الإسلامى بباب الرحمة والتوبة، وهو من أجمل أبواب القدس القديمة، ويقود هذه الباب من خارج السور الشرقى للمدينة إلى داخل المسجد الأقصى، ويتعلق بالروايات الدينية، لا سيما الروايات المتعلقة بيوم القيامة والحشر، الأمر الذى أكسبه أهمية خاصة تجاوزت جميع بوابات المدينة، وخصوصا الأهمية الرمزية، إذ بنى فى الأساس ليس بهدف الاستعمال اليومى.
وباب الرحمة مغلق، حيث جرى إغلاقه بالحجارة من الخارج على أغلب الروايات فى الفترة العثمانية بقصد حماية المسجد الأقصى، فقد أغلقت جميع الأبواب التى تقود من خارج المدينة مباشرة إلى داخله، ويمكن تفسير ذلك أيضا بنمو المقبرة، إذ لم يعد لائقا المرور بين القبور للدخول إلى المسجد، كما أنه لا يقود إلى حى سكنى، ولذك النظر إليه كمبنى تذكارى رمزى يروى فى الأساس قصة دينية.
ويرجح أن الإغلاق ينسب إلى الفترة الأيوبية، وعلى الأرجح أغلق بالحجارة فى الفترة العثمانية، لكن ليس قبل القرن السابع عشر، لكن قبل ذلك كان مغلقا ببوابات خشبية، وهى البوابات التى ذكرها الرحالة الفارثسى ناصر خسرو، والتى كان مبالغا فى زخرفتها.