بدأت نوال السعداوي، التي رحلت عن عالمنا اليوم، عن عمر يناهز 90 عاما، الكتابة مبكرا، فكانت أول أعمالها عبارة عن قصص قصيرة بعنوان "تعلمت الحب" فى عام 1957 وأول رواياتها "مذكرات طبيبة" عام 1958، ويعتبر كتاب "مذكرات في سجن النساء" (1986) من أشهر أعمالها.
وكتاب "تعلمت الحب" مجموعة من النصوص جسدت فيها المؤلفة انعكاسات شخصيتها كمؤلفة ومهنتها كطبيبة، فكلما أمعنا في قراءة نصوصها الهزلية الساخرة، وقصصها الواقعية الناقدة للمجتمع زدنا اقتناعاً أننا في حاجة لمزيد من الحب والرحمة، فالحب الذي تنشده المؤلفة في نصوصها، ليس هو الحب العادى بين رجل وامرأة، أب وولده، فهذا الحب لا فضل لنا فيه، وكلنا فيه سواسية، ولكنها تنشد الحب الذي يبذله الإنسان والطبيب خاصة لغيره دون أن يأخذ شيئا، إلا تلك السعادة النفسية التى تعلمه كيف يتقبل الحياة بما فيها من خير وشر، فيحب الأخيار، ويعطف على الأشرار حتى يلتمسوا السبيل إلى أن يكونوا أخيارا.
وتتحدث نوال السعداوي، عن حب يختلف عن تلك العلاقة التي تجمع الرجل بالمرأة، أَو علاقات الأُمومة أَو الأُبوة، أَو غيرها من العلاقات الأسرية، إنه الحب فى أسمى صوره، إنه الحب لا لشىء آخر غير تلك السعادة التى نمنحها للآخرين.
جاءت هذه الأفكار في مجموعة من القصص القصيرة تجولت فيها نوال السعداوي في النفس البشرية بحكم خبرتها العملية والعلمية، فنرى من خلال ما رصدته من علاقات إنسانية كيف يمكننا تقييم الحب بعيدا عن إطار الشكل والهيئة، فالحب عطاء بِدون غطاء يغلفه، هذا هو ما تعلمنا إياه الدكتورة في قصتها الأولى "تعلمت الحب" وفى قصة أُخرى نتعلم درسا جديدا، فالحب مشروع كبير طويل الأمد، يحتاج إلى نقاشات ورؤية وخطة مستقبلية يكون الحب محورها، فإن كان أحد المحبين مترددا فقد الحب، إذ يضيع الحب فى حضرة الصمت، وتتتابع القصص فنتعلم من كل منها معنى آخر من معانى الحب.