أجمع ناشرون شاركوا فى الجلسة الأولى لبرنامج (القاهرة: الأمل يبدأ) أن جائحة فيروس كورونا خلقت تحديات كبيرة على سوق النشر وغيرت فى أنظمة البيع والتسويق وفى صناعة المحتوى على مستوى العالم، جاء ذلك خلال الجلسة التى استضافها معهد جوتة بالقاهرة، وتحدثت فيها نورا رشاد من الدار المصرية اللبنانية، والسويسرى لوسيان ليتيس من دار (يونيون) ناشر الترجمات الألمانية لأعمال نجيب محفوظ والعديد من الأعمال العربية، وأدارها شريف بكر من دار العربى للنشروالتوزيع.
وأقيمت الجلسة ضمن مبادرة (القاهرة: الأمل يبدأ) التى ينظمها معرض فرانكفورت للكتاب بالتعاون مع معهد جوتة واتحاد الناشرين المصريين ومبادرة أصوات عربية، بهدف دعم صناعة النشر فى مصر.
ووجهت نيكى تيرون، مسئولة البرنامج المهنى للعالم العربى بمعرض فرانكفور كلمة للمشاركين رحبت فيها بمتابعى الجلسة عبر منصة "زووم" وقالت: تعكس جلسات برنامج (القاهرة: الأمل يبدأ) خبرات وتصورات الناشرين حول العالم لكيفية التغلب على صعوبات نشر وتوزيع الكتب فى ظل جائحة كورونا "كوفيد 19"، مع التركيز على التجارب المصرية، مشيرة إلى أن الجلسات سوف تتواصل حتى يوليو المقبل بمشاركة متحدثين وخبراء فى صناعة النشر من مصر وألمانيا وسويسرا لكى نتمكن من التعامل مع آثار كورونا على صناعة النشر بطريقة تقلل المخاطر وتعزز فرص التعافى.
ونوهت تيرون إلى أن صعوبة السفر والانتقال بسبب جائحة كورنا حالت دون حضور الناشرين الأجانب إلى القاهرة وتقديم خبراتهم مع نظرائهم مع الناشرين المصريين، مضيفة كما أن بث الجلسات عبر الانترنت سيعطى فرصة أفضل للتواصل بين الناشرين ويمنح الأمل للاستماع لمبادرات تساعد الجميع على تخطى صعوبات المرحلة الراهنة".
وأشار الناشر شريف بكر إلى أن الهدف الرئيسى من البرنامج مخاطبة شباب الناشرين ومساعدتهم على تخطى صعوبات البداية، كما أن توقف معارض الكتب حول العالم وتعاظم الخسائر أوجد تحديات ينبغى التكاتف لمواجهتها عبر تبادل الخبرات"، واعتبر أن اختيار عنوان (القاهرة: الأمل يبدأ) جاء بغرض ابتكار الحلول وطرح الأفكار الجديدة وتقييم الوضع الراهن.
وقدمت الناشرة نورا رشاد مدير النشر بالدار المصرية اللبنانية، عرضا بالشرائح حول أساسيات النشر وطرق بناء السياسات التحريرية وكيفية إعداد ميزانية أولية وسبل التعامل مع المؤلفين والتفاوض معهم حول محتوى النصوص حتى لحظة أعدادها ونشرها فى كتب ثم عرضها فى المكتبات إلى جانب الترويج لها فى وسائل الإعلام المختلفة.
وقالت نورا رشاد، إن ميزانيات النشر تخضع لتقديرات مختلفة حسب طبيعة المحتوى والشريحة التى يتوجه لها من القراء، مضيفة أنا مع التخصص فى نشر كتب معينة لأن التخصص يصنع هوية فريدة لأى دار.
وأوضحت مدير النشر بالمصرية اللبنانية، أن العامين الأخيرين شهدا تحولات فى اتجاهات القراءة فى مصر حيث تراجع الاهتمام بقراءة الروايات وأصبح هناك سعى للكتب التى تبحث فى العلوم الإنسانية، التاريخ والفلسفة إلى جانب كتب السيرة الذاتية، وأشارت إلى أن معدلات القراءة تتزايد فى الفئات العمرية بين 15 وحتى 25 عاما وتتنشر بين الإناث أكثر من الذكور، كما أن كورونا وضعت دور النشر أمام تحديات وأدت الى تراجع كبير فى المبيعات ومع ذلك نحن نتمسك بالأمل فى تجاوز المشكلات لأن السوق الالكترونية تمثل بشارات أمل كما أن أندية القراءة ووسائل البيع والمنصات الصوتية تجعل الأمر فى طريقها الى الأفضل.
وقال الناشر السويسرى لوسيان ليتيس من دار "يونيون" التى قدمت أعمال نجيب محفوظ وغيره من الكتاب العرب الى قراء اللغة الالمانية:عندما راهنت على ترجمة الأدب العربى، وبعض الأعمال من بلدان آسيوية لم يكن أحد يرغب فى ذلك، لكنى واجهت التحدى وسألت نفسى كيف يمكن أن أعمل بطريقة فريدة ومختلفة لذلك قررت تغيير بوصلة الترجمة وظلت قناعتى هى نشر الأدب الجميل مهما كان مصدره، لأن لكل ثقافة الحق فى التواجد.
وقال: "لدينا سجل بالأعمال التى نشرناها وكلها تدعو للفخروأعتقد أننى نجحت،فقد باعت الدار الكثير من أعمال محفوظ لدرجة أن رواية مثل زقاق المدق باعت نحو 35 ألف نسخة فى الترجمة الالمانية وهو رقم جيد جدا".
وأوضح لوسيان أن على كل ناشر أن يخلق لمنشوراته هوية بصرية واضحةتبدأ من تصميم الغلاف وشعار الدار وشكل الكتابة الداخلية والعناوين لأن ذلك سيضمن له التواصل بطريقة أفضل مع القراء.
وتابع مؤكدا أن النشرمهنة، لذلك لابد أن تحقق الربح لكن الناشر الذى نرغب فى الحديث عنه،وايجاده فى عالمنا هو من يعمل بمسؤولية تنويرية وتثقيفية ويخلق المغامرة.
وتابع لوسيان ليتيس "النشر مغامرة نحاول أن تكون مضمونة وآمنة ونأمل دائما فى أن ينجح كتاب بضربة حظ أونقدم فى كل موسم كاتب جديد يؤدى دور الجوكر يظهر ليتكسح".
ودعا الناشرين الذين يفكرون فى العمل باستقلالية إلى التعامل مع الفكرة بجدية لأن هناك دائمة مجموعات داخل المهنة لن ترضى بهذا الاختيار وستعمل على الضغط لتغيير الأولويات.
وقال: "على أصحاب هذا الاختيار التفكير أولا فى الاثمان التى ترتب عليه". وضرب مثالًا بدور النشرالتى يعتمد عملها على بعض التمويل وقال: "وجودفرصة تمويلية أمر جيد أحيانا لكن توقفها قد يعنى الانهيار، لذلك ينبغى أن نمول أنفسنا من الجهات التى توزع الكتب والقارئ وحده من يضمن ذلك، لأن الاعتماد على التمويل مخاطرة".
واختتم لوسيان ليتيس بالإشارة الى أن طبيعة مهنة النشر فى سويسرا تتحمل المغامرة لأن الناشر هناك يتعامل مع سوقواضحة المعالم ويستطيع من خلالها بناء توقعات حيث تتاح أمامهبيانات تشمل خريطةواضحة باتجاهات وشرائح القراء وأعمارهم وما يفضلونها من موضوعات وقال: "وجود قاعدة بيانات يساعد على تقدير الموقف وتصحيح مسارنا".
واختتم بالقول: "قد يكون سوق العالم العربى لديه مشكلة ومع ذلك فمشكلات النشر تتشابه فى كل مكان وإذا اتيح لى أن أبدا من جديد فلن أجد أفضل من هذا الجزء من العالم لأنه مليء بالوعود وبالمبدعين المرموقين الذين تعكس أعمالهم عوالم مغرية".