أبو منصور الحلاج، أشهر رموز التصوف فى الثقافة العربية، اكتسبت حياته دراما بعد موته وتقول كتب التاريخ فى ذلك إنه تم سجنه فى سنة 301 هجرية، وأنه بعد ثمانى سنوات من السجن وفى مساء 23 ذى الحجة من عام 309 تم جلده 1000 جلدة، وفى صبيحة اليوم التالى قطعت أطرافه وصلب على جذع شجرة، أما فى صباح 25 ذى الحجة فقد قطع رأسه وصب النفط على بدنه وأحرق ثم حُمل رماده إلى رأس المنارة وألقى فى نهر دجلة.
إنه الحسين بن منصور بن محمى الملقب بالحلاج، والذى تمر اليوم ذكرى رحيله إذ توفى فى 26 مارس عام 922 م.
والحلاج من أكثر الرجال الذين اختلف فى أمرهم، فجماهير علماء السنة اجمعوا على تكفيره ورميه بالسحر والشعوذة ونسبه إلى مذهب القرامطة الإسلامية، وهناك من وافقوه وفسروا مفاهيمه.
وفلسفة الحلاج التى عبر عنها الحلاج بالممارسة لم ترض الفقيه محمد بن داود قاضى بغداد، فقد رآها متعارضة مع تعاليم الإسلام حسب رؤيته لها، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالباً محاكمته أمام الناس والفقهاء.
ويبدو أن الحلاج عاش مطاردًا منذ بدايته، فبحسب كتاب "ظهر الإسلام" للكاتب أحمد أمين، فأن الحلاج فر من مكة، بعدما اتهمه عمرو المكى بأنه يعارض القرآن، فلعنه، وود قتله، فما كان من الحلاج إلا الهروب والتجرد من لباس الصوفية، ولبس المرقعة والقباء، ورحل إلى خراسان وبلاد ما وراء النهر، وظل فى رحلته خمس سنوات، قبل أن يعود إلى العراق ويقضى بها عامين.
فى سنة 297 هـ، أفتى ابن أبى داود الظاهرى، بكفره لكلامه فى الحب، ففر مرة أخرى إلى الأهواز، واختفى بها، واتهم فيها بدعوى الألوهية، ثم تنقل بين السجون المختلفة سبع سنوات، ومع ذلك استمر فى الدعوة حتى آمن به بعض شخصيات البلاد، فتم استجوابه، وحكم عليه بالإعدام والتمثيل به، وإحراقه، وإلقاء ما بقى من جسده فى نهر الفرات.
وبحسب كتاب "الإسماعيليون: تاريخهم وعقائدهم" فأن الحلاج، كان له تأثيرًا عظميًا فى العديد من الناس، من بينهم بعض أفراد البيت العباسى، فأثار غيرة مسئولين فى الدولة حينها، فاتهموه بكونه عميلا وقرمطيا، وأورد أعداؤه بقيادة ابن الفرات أدلة عدوها كافية لإدانته، ومنها إساة التفسير المتعمد لبعض التأويلات الرمزية عند الحلاج، ومزاعمه بالاتحاد الروحى مع الله، فتم سجنه عدة سنوات، ومحكامته عام 921، وحكم عليه بالموت وسط جو مشبع بالدسائس والمكائد، وجرى تعذيبه وصلبه، ثم قطت أعضاؤه بوحشية أمام جمهور كبير فى بغداد سنة 922 م.