تمر اليوم الذكرى الـ 692 على قيام البابا يوحنا الثانى والعشرون يإصدار بياناً له فى الجمهورية الدومينيكية الزراعية يدين بعض كتابات ميستر إكهرت باعتبارها هرطقة، وذلك فى 27 مارس عام 1329، وقد أثارت افكاره بعض الاورثوذكسيين المتخوفين من كل جديد وادى ذلك لاتهامه بالهرطقة.
والحقيقة أن هناك العديد من من المصلحين الدينيين حوكموا بتهم الهرطقة وتمت محاكمتهم وإعدامهم، إلا أنهم ظلوا متواجدين بأفكارهم وآرائهم المختلفة مع الأفكار السائدة، وأصبحوا رموزا ثائرة على الأصولية الفكرية، ومن هؤلاء المصلحون أو المهرطقون فى نظر البعض والذين أعدموا بأوامر من الكنيسة أو السلطة، هم:
يان هوس
كان لاهوتيًا وفيلسوفًا تشيكيًا ترأس جامعة تشارلز، وأصبح مصلحًا كنسيًا وملهمًا للهوسيتية، ويعتره البروتستانتية واحدا من أسلافهم المهمين، حين انتُخب ألكسندر الخامس بابا، أُقنع بالوقوف مع سلطات الكنيسة البوهيمية ضد هوس وأتباعه، وأصدر مرسومًا بابويًا يقضى بطرد هوس من الكنيسة، إلا أنه لم ينفذ، وواصل هوس الوعظ. بعد ذلك، تكلم هوس ضد البابا المزيف جون الثالث والعشرين خلف ألكسندر الخامس بسبب بيعه صكوك الغفران، فنُفذ مرسوم طرد هوس، وأمضى العامين التاليين فى المنفى، عندما اجتمع مجمع كونستانس، طلب من هوس الحضور لعرض آرائه حول الخلافات ضمن الكنيسة. وحين وصل هوس، اعتُقل على الفور ووضع فى السجن.
ومَثُل فى النهاية أمام المجلس وطُلب منه التراجع عن آرائه، وحين رفض، أعيد إلى السجن. فى 6 يوليو 1415، وأُحرق على الوتد بتهمة الهرطقة ضد الكنيسة الكاثوليكية.
ميستر إكهرت
فيلسوف وعالم لاهوت كان مسيحيا ولد فيما يعرف الآن بألمانيا، درس فى أحد المعاهد الدينية وتخرج وحصل على رتبة عالية فى الكنيسة، وعمل فى فرنسا كمعلم لاهوتى، اثارت افكاره بعض الاورثوذكسيين المتخوفين من كل جديد وادى ذلك لاتهامه بالهرطقة، كما أن فكره كان مشابها أحيانا لفكر جماعة اخوية الروح الحرة والتى كانت الكنيسة تحاربها بشدة، كتب دفاعا عن نفسه واعلن انه يتراجع مقدما عن أى من كتاباته التى ترفضها الكنيسة، وقبل صدور الحكم توفى لياتى الحكم بتحريم عدة اقوال له والتحفظ على بعض اخر مع اعتبار إكهرت توفى مسيحيا طاهرا لانه كان اعلن انه سيسحب أى اقوال ترفضها الكنيسة.
الحلاج
حوكم الشاعر والمتصوفة الحسين بن منصور الحلاج، بتهمة الثورة أيضا، فكانت لديه رؤى إصلاحية كبيرة لعودة دولة الخلافة كما كانت، ولذك أراد الحكام قتله، فحسب ما يذكر ابن الجوزى فى "صيد الخاطر" أن الحلاج حاول على قلب الدولة، والتعرض لإفساد المملكة، واستعطاف القلوب واستمالتها، وارتاد الحلاج قُطْرَ بغداد، فحكم عليه صاحباه بالهلكة والقصور عن درك الأمنية لبعد أهل العراق عن الانخداع".
أُخرج الحلاج من محبسه وجلد جلدًا شديدًا، ثم صُلب حيًا حتى فاضت روحه إلى بارئها. وفى اليوم التالى قطع رأسه وأحرق جثمانه، ونثر رماده فى نهر دجلة، وقيل أن بعض تلاميذه احتفظوا برأسه.
السهروردى المقتول
لم يكن عصر السهروردى (القرن السادس الهجري/ الثالث عشر الميلادي) عصر تسامح فكري، بل كان عصر صراعات سياسية ومذهبية حادة، وكان حلقة من من حلقات الصراعات الممتدة فى القرنين الرابع والخامس الهجريين، وكان الملك الظاهر قد أُعجب بالسهروردي، بل أصبح السهروردى من أصدقائه، ونظرًا لاشتداد الخلاف بين السهروردى والفقهاء، دعاهم الظاهر إلى مناظرة فكرية، ورغم أن السهروردى بادر إلى إجابة دعوة الظاهر الأيوبى لمناظرة الفقهاء، ورغم أنه أسكتهم بقوة حجته وبراعة منطقه، إلا أن الأمر انتهى به إلى الحكم عليه بالموت، ويروى أن الظاهر الأيوبى خيّره فى أمر موته، فاختار السهروردى أن يحبس دون طعام وشراب حتى يهلك، فكان له ما اختار.
سافونارولا
متدين وسياسى إيطالي، ينتمى إلى نظام الرهبان الدومينيكان. أُدرجت مؤلفاته فى الطبعة الأولى (1559) لفهرس الكتب المحظورة. والآن هو ممنوح لقب خادم الرب، وقُدمت دعوى تطويبه فى 30 مايو من عام 1997 من قبل أسقفية فلورنسا.
و كان زعيم فلورنسا منذ عام 1494 حتى إعدامه حرقا فى عام 1498. واشتهر مصلحا دينيا وواعظا مناوئا للنهضة وحارقا للكتب ومحطما لما اعتبره فنا غير أخلاقى، وخطب مهاجما بشدة ضد ما رأه فسادا أخلاقيا من جانب رجال الدين، وكان خصمه الرئيسى البابا إسكندر السادسـ ينظر إليه أحيانا باعتباره بشيرا لظهور مارتن لوثر والإصلاح البروتستانتي، رغم أنه بقى كاثوليكيا ورعا وتقيا طيلة حياته.