نستعد هذه الأيام لاحتفالية مهمة هى نقل مومياوات 22 ملكا مصريا قديما من متحف التحرير إلى متحف الحضارة فى الفسطاط، ولعل الملاحظ أن الآثار تحظى حاليا بمزيد من الاهتمام، ولكن قديما لم يكن الأمر كذلك، فمنذ 100 عام بالتمام والكمال وفى عدد شهر مارس من مجلة المقتطف 1921، نقرأ رسالة من مواطن يطالب بمدرسة لتعليم المرشدين السياحيين، فكان رد فعل المجلة عاكسا لمكانة علوم الآثار فى تلك الفترة؟
نشرت مجلة المقتطف تحت عنوان "تعليم مرشدى السياح" فى رسالة من القارئ فوزى أفندى غبور الديرى، من الفيوم.
تقول الرسالة:
يفد على قطرنا كل شتاء كثير من السياح المغرمين برؤية الآثار المصرية ويستصحبون فى رحلاتهم مترجمين مصريين من عامة الناس وربما لا يعرفون القراءة والكتابة ولا يعرفون اللغات الأجنبية إلا رطانا وهم يفسرون للسياح ما يرينهم إياه من الآثار بتفاسير مشوهة للحقيقة. أفليس حريا بالحكومة أن تجعل هؤلاء التراجمة المرشدين من الطبة الراقية المتعلمة نوعا بأن تفتح مدرسة لتعليم الآثار واللغة الهيروغليفية وتشترط أن لا يحترف حرفة المترجم إلا الحائز لدبلومها.
وجاء جواب المجلة:
إن أكثر السياح يذهبون بإرشاد "كوك" ويكون مع كل جماعة منهم دليل واحد فعدد الأدلة أو التراجمة قليل جدا، وقد سمعناهم مرارا يشرحون للسياح ما يرونه وشرحهم حسن، فطلاب هذه الحرفة الذين يستطيعون أن يحترفوها ويعيشوا بها قلال لا يدعون أن تنشأ لهم مدرسة خاصة تنفق عليها البلاد بدرات الأموال وهى فى أشد الحاجة إلى العلوم المنتجة التى يستفيد منها العدد العديد من السكان.
نكتب هذه السطور وأمامنا مجلدان كبيران لعالم ألمانى فى الآثار العربية فى مصر وديار بكر ومعهما خطاب منه يقول فيه إنه أضاع وقته وماله فى البحث عن هذه الآثار وتصويرها وطبع هذين الكتابين وحتى الآن لم يسترد ثمن ورقهما. وهذا شأن كل عمل غير منتج.
أما الحكومة وهى أمينة على أموال الأمة فلا يحسن بها أن تنفق أمالها إلا فيما ينفع الأمة وعلى قدر ما يحتمل أن تنال من النفع.