فرجينيا وولف تعتبر من أيقونات الأدب الحديث للقرن العشرين ومن أوائل من استخدم تيار الوعى كطريقة للسرد، كاتبة إنكليزية كتبت عدة رواياتٍ كلاسيكيةً معاصرة، ومن أشهر أعمالها الروائية السيدة دالواى (1925)، إلى المنارة وأورلاندو(1928)، كما اشتهرت أيضا فى مجال كتابة المقالات، مثل غرفة تخص المرء وحده (1929).
وتمر اليوم الذكرى الـ80 على انتحار الأديبة البريطانية الشهيرة فرجينيا وولف، إذ رحلت فى 28 مارس عام 1941، بعدما عانت فى آخر أيامها من اكتئاب شديد، وانتحرت فى مثل هذا اليوم عن عمر 59 عامًا، وكان والدها، ليزلى ستيفان، مؤرخًا وكاتبًا، وكانت فيرجينيا أثناء طفولتها فتاة فضولية، مبتهجة ومرحة.
القاصة والمترجمة الشابة أميرة بدوى، صاحبة تجربة ومشروع واضح فى ترجمة أعمال الأديبة البريطانية الكبيرة، إذ انتهت من ترجمة روايتين لـ فرجينيا وولف، خلال الفترة الماضية، هما "غرفة يعقوب" و" حياة أورلاندو" من المقرر أن يصدرا قريبا، وفى السطور التالية تحكى "أميرة" لـ"انفراد" شهدتها وتجربتها مع ترجمة أعمال "وولف" وكيف اختارت تلك العملين لترجمتها.
وقالت المترجمة أميرة بدوى: "عندما قررت ترجمة فرجينيا وولف، كنت أعلم أننى سأقفز إلى البحر وجيوبى مثقلة بالحجارة. امرأة مثلها، استطاعت أن تغير خريطة الأدب، فى يوم ما، واستطاعت أن تمشى فى طريق لم يسبقها إليه أحد، امرأة واجهت النقاد والآباء والقراء باختراع تقنيات جديدة، واستطاعت أن تتكلم، فى زمن كانت النساء فيه مجبرة على الصمت".
وتابعت: "وامرأة مثلي، تخطو خطواتها الأولى فى الحياة الأدبية، كان لابد أن تهب الإرث الأدبى الذى ورثته فرجينيا لجميع القراء. بدأت فى ترجمة غرفة يعقوب، قبل أن تنشر مجموعتى القصصية الأولى "ست زوايا للصلاة". وبعد ترجمة رواية حديثة لهيدى جودريتش. رأيت، على طول الرواية، سؤالين يطرحان نفسهما بقوة، وهما: لماذا لابد أن نقرأ فرجيينا وولف رغم كل هذه السنوات، وما الذى قد يمنعنا عن قراءتها أو فهمها فى ثقافتنا العربية؟ وهما السؤالين نفسيهما اللذان حاولت الإجابة عليهما فى مقدمة الترجمة، التى لم تصدر بعد".
واستطردت: "لم تزعجنى لغة فرجينا ولا محاولاتها الدائمة للعب، رغم الجهد الكبير الذى بذلته فى فهم ما وراء المنطوقات، ولا براعتها فى المزج بين أكثر من جنس أدبى مثل المقال والقصة القصيرة والرواية فى بنية واحدة، وجنس فنى واحد. الذى أتعبنى حقًا هو محاولة تتبع كل الخيوط التى تنسجها فرجينيا هنا وهناك، الآباء التى تشاكسهم، ومحاولة معرفة شكل الرواية الغربية وتطورها ابتداءً من القرن الثامن عشر وازدهارها فى العصر الفيكتورى فى أعمال الواقعيين، ثم الحداثيين فى النصف الأول من القرن العشرين. لأننا إذا أردنا معرفة الجهد الذى بذلته فرجينيا فى بناء الرواية الحديثة، فلابد أن نتذوق القاعدة القديمة أولًا. ومن ثم يأتى دور دراسة التقنيات التى استحدثتها، وأبرزها كما نعرف: تيار الوعى".
وأكملت: "فى الحقيقة، لم تستغرق هذه الترجمة عامًا فقط، بل أعوامًا، ورغم أننى فى مرحلة التعاقد مع دار نشر، إلا أننى أستطيع أن ألمسها فى كل شيء حولي، أعتقد أنها سترافقنى لفترة كبيرة".
وأوضحت: "أما عن تجربتى الثانية مع ترجمة فرجينيا، كانت رواية حياة أورلاندو، التى ستصدر قريبا جدًا عن دار العين فى مصر. وعكس رواية غرفة يعقوب التى اخترتها بنفسي، اختارتنى هذه الرواية بالتحديد، عندما اتصلت بى د فاطمة البودى وأخبرتنى عن مشروع الدار فى ترجمة أعمال فرجينيا وولف، واقترحت على رواية حياة أورلاندو".
وأضافت: "على طول الرواية، لم أشعر بهذا الثقل فى الرواية السابقة، وكأننى بدأت أتخفف من الحجارة المكدسة فى جيوبي. مع كل فصل أرمى حجرًا، بل صخرة فى نهر أوس، حيث تستكشف الرواية صيرورة المجتمع الإنجليزي، وحقائقه الاجتماعية، وتقدم نقدًا عنيفًا للبنية التى تشكله لثلاثة عصور، تعيشها شخصية البطل أورلاندو، فى صورتيها: الرجل والمرأة أو غيرهما من الذوات. وفى هذه الرواية أيضا رأيت شكسبير، كما لما أره من قبل، بالإضافة إلى العديد من الرموز الأدبية السابقين أو المعاصرين مثل ألكسندر بوب، جوناثان سويفت، أدموند سبنسر، مارى دى فيشى شاروند، وسيبيل صوفى كوليفاكس، وغيرهم".
وأتمت: "واليوم، ورغم مرور ثمانون عامًا على وفاة فرجينيا وولف، وأكثر من مائة عام على صدور أول أعمالها، أشعر أن فرجينيا وولف هى أورلاندو كل عصر نعيش فيه، وسنعيش فيه، إلى الأبد".