تمر اليوم الذكرى الـ1203 على رحيل آلاف الأندلسيين من قرطبة بعد فشل خروجهم على الأمير الحكم بن هشام، الذى أطاح بالثوار وهدم منازلهم وشردهم فى الأندلس فاتجهت جماعة منهم تبلغ ما يقارب 15 ألف إلى مصر ثم ما لبثوا أن غادروها إلى جزيرة كريت سنة 212 هـ، وأسسوا بها إمارة أقريطش التى استمرت نحو قرن وثلث.
وعن الأمير الحكم بن هشام يقول "الرازى" فى كتابه "مغازى الأندلس": كثر العلماء بالأندلس فى دولته، حتى قيل: إنه كان بقرطبة أربعة آلاف متقلس متزيين بزى العلماء، فلما أراد الله فناءهم، عز عليهم انتهاك الحكم للحرمات، وائتمروا ليخلعوه، ثم جيشوا لقتاله، وجرت بالأندلس فتنة عظيمة، فلا قوة إلا بالله، فذكر ابن مزين فى تاريخه: طالوت بن عبد الجبار المعافرى، وأنه أحد العلماء العاملين الشهداء الذين هموا بخلع الحكم، وقالوا: إنه غير عدل، ونكثوه فى نفوس العوام، وزعموا أنه لا يحل المكث ولا الصبر على هذه السيرة الذميمة.
هرب الموريسكيون إلى المغرب والجزائر وتونس وتركيا ومصر، وحتى إلى أراضى مسيحية مثل روما وفرنسا، ويذكر أحد الآباء المسيحيين أنه شاهد فى روما جماعة موريسكية مهاجرة من إشبيلية.
ويقول كتاب سير أعلام النبلاء "وسار جمع منهم زهاء خمسة عشر ألفا، وفيهم عمر بن شعيب الغليظ، فاحتلوا بالإسكندرية، فاتفق بعد ذلك أن رجلا منهم اشترى لحما من جزار، فتضاجر معه، ورماه الجزار بكرش فى وجهه، فرجع بتلك الحالة إلى قومه، فجاءوا فقتلوا اللحام، فقام عليهم أهل الإسكندرية، فاقتتلوا، وأخرج الأندلسيون أهلها هاربين، وتملكوا الإسكندرية، فاتصل الخبر بالمأمون، فأرسل إليهم، وابتاع المدينة منهم، على أن يخرجوا منها وينزلوا جزيرة إقريطش فخرجوا ونزلوها وافتتحوها، فلم يزالوا فيها إلى أن غلب عليها أرمانوس بن قسطنطين سنة خمس وثلاث مائة".
فى مصر كانوا أصحاب جاه وثروة، وهناك كتاب للدكتور حسام محمد عبد المعطى تتبع فيه هجرتهم إلى مصر بدقة، وقال إنهم استوطنوا شمال الدلتا (محافظة كفر الشيخ حاليا) فقد كانت هذه المنطقة منخفضة الكثافة السكانية أو معدومة، وقد أنشأ الموريسكيون فى هذه المنطقة عددا كبيرا من القرى ذات الأسماء الأندلسية مثل الحمراوي، إسحاقة، أريمون، محلة موسى، سيدى غازي، كفر الشيخ، سد خميس، الناصرية، محلة دياى وقطور، أيضا استوطن الموريسكيون الإسكندرية وأطلقوا على أهم أحيائها أسماء مستوحاة من "الأندلس" على غرار حى الشاطبي، نسبة إلى شاطِبة، والمنشية، نسبة إلى لا مانشا، وغيرها.