فى مثل هذا اليوم 30 مارس من عام 1858م، انتهى الحكم الإسلامى للهند، على خلفية عزل الإنجليز للسلطان بهادر شاه، وكان آخر أباطرة مغول الهند، وبعزله انتهى الحكم الإسلامى فى الهند بعد أن استمر فيها لمدة 850 سنة.
تقول كتب التاريخإن بداية دخول الإسلام إلى الهند كان فى سنة 44 هـ، على يد القائد الأموى المهلب بن أبى صفرة، وانتشر الإسلام فى أراضى الهند، انتشارا كبيرا، وهو ما دفع الدولة الأموية، لإرسال الفارس الإسلامى محمد بن القاسم سنة 93 هـ، للسيطرة على الهند، وكان عمره 17 عاما، (وهو ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفى)، لكن الهند قارة مترامية الأطراف، وليست مجرد دولة، فسيطر ابن القاسم على مناطق ومدن كثيرة فى الهند، واستمرت فتوحات المسلمين فى القارة الهندية حتى سنة 392هـ، حين غزا السلطان التركى محمود بن سبكتكين، بلاد الهند، وقضى على الجيوش الهندية، وأسر ملك الهند "جيبال" وكسر أصنام الهند، وأصبحت الهند إسلامية.
وأتى زمن ضعفت فيه هذه الدولة، واهتم حكامها بمصالحهم الخاصة، فانتهز نادر شاه حاكم إيران فرصة تردى دولة المغول المسلمين بالهند، وزحف عليها سنة 1153هــ/ 1740م، وأحدث بعاصمتها دلهى دمارا وعاد لبلاده بغنائم هائلة.
وقد ساعدت هذه الأوضاع الإنجليز فى السيطرة على الهند تحت ستار شركة الهند الشرقية البريطانية، وانتهى الحال بأن دخل الإنجليز دلهى فى بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، وقد فقد المسلمون فى الفترة التى استولى فيها الإنجليز على الهند ما كانوا يتمتعون به من إمساك بمقاليد الأمور، واحتكام إلى الشرع فى كل الشئون.
وفى ظل هذه الأجواء المتردية تولى بهادر شاه الثانى الحكم فى الهند سنة 1254هــ/ 1838م، خلفًا لأبيه محمد أكبر شاه الثاني، وكان الإنجليز فى عهده قد أحكموا سيطرتهم على سلاطين الهند، الذين كانوا يتقاضون رواتب من الإنجليز، وصاروا موظفين لديهم.
ولم يكن عهد بهادر شاه أحسن حالا من عهد أبيه، فسياسة الإنجليز لا تزال قائمة على جعل أعمال الحكومة فى أيديهم، فى حين يبقى الحكم باسم السلطان المسلم، وكان هذا عملا خبيثا يفرقون به بين الحكم وبين الملك.
واستطاع الإنجليز أن يعيدوا تنظيم أنفسهم وتجميع قوات هندية من الأمراء الموالين لهم، وانضم إليهم عدد من طائفة السيخ الذين كانوا يكرهون المسلمين، ونجح الإنجليز فى القضاء على الثورة، وذلك فى محرم 1274هــ/ سبتمبر1857م وبعد فشل الثورة قام الإنجليز بالقبض على بهادر شاه وأهل بيته وساقوهم مقيدين لمحبسهم، وفى الطريق أطلق أحد الضباط الإنجليز الرصاص على أبناء الملك وأحفاده فقتل ثلاثة منهم وقطعت رؤوسهم.
بدأ الإنجليز بعد القبض على بهادر شاه فى محاكمته محاكمة صورية بمدينة دلهى فى جمادى الآخرة 1274هـــ/ يناير 1858م، واتهموه بأنه تعاون مع الثورة هو وابنه ميزا مغل ضد الإنجليز، وأنه أمر بقتل الإنجليز رجالاً ونساء وأطفالاً وكانت تهمة كاذبة؛ فحين تولى قيادة الثورة كانت أوامره صريحة بعدم الاعتداء على الإنجليز غير المحاربين.