تمر اليوم ذكرى بدء بناء الجامع الأزهر، أحد الإسهامات المهمة التى تنسب إلى الدولة الفاطمية فى مصر فى سنة 970 ميلادية، وكان ذلك على يد جوهر الصقلى، ولكن البعض يسمونه الصقلبى، ويطلق آخرون عليه الرومى.
يقول عنه كتاب "موجز دائرة المعارف الإسلامية" لمجموعة من المؤلفين، قائد وحاكم، ومن مؤسسى الإمبراطورية الفاطمية فى شمالى إفريقية ومصر، واسمه جَوْهَر بن عبد الله، ويقال أيضًا جوهر مع نسبتيه الصقلبى والصقلى أو الرومى والكاتب أو القائد.
ويلقى لقباه الأولان بعض الضوء على أصله الغامض، أما اللقبان الآخران فيدلان على المنصبين الرفيعين الذين شغلهما، ولا نعرف تاريخ مولده، ولكننا نستطيع أن نخمن من تاريخ وفاته (20 ذو القعدة سنة 381 هـ / 28 إبريل سنة 991) أنه ولد فى وقت ما أثناء العقد الأول من القرن الرابع الهجرى الموافق العاشر الميلادي.
وكان فى أوج نشاطه بين عامى 340 هـ (950 م) و 366 هـ (975)، ونستطيع من سيرة نظيره جوذر التى نعرفها حق المعرفة بفضل ترجمته التى نشرت حديثًا، أن نستنتج أن جوهر كان عتيقًا للبيت الفاطمى من أصل صقلبى.
وكان أبوه عبد الله فى أغلب الظن رقيقًا، ولكن جوهر يظهر رجلا حرا من أول الأمر.
وأول ما نسمع بجوهر أنه "غلام" وربما كان أيضًا كاتبا للخليفة الفاطمى الثالث المنصور، وفى سنة 347 هـ (958 م) أراد المعز أن يضع كل ما يملكه من قوة فى مغامرة عسكرية للسيطرة على شمالى إفريقية بأسره واختار لقيادة هذه الحملة الهامة كاتبه جوهر، فأتاح له بذلك فرصة يثبت فيها أنه كان أكفأ قائد تيسر للفاطميين.
ولم تخب آمال المعز، ذلك أن جوهر استطاع فى أربعة أشهر أن يحقق فتح مصر. فقد ترك القيروان فى ربيع الثانى من سنة 358 هـ (فبراير سنة 969 م) وما وافى منتصف شعبان من السنة نفسها (1 يولية سنة 969) حتى كان قد سيطر على الفسطاط بعد قتال يسير قرب الجيزة وقع فى 11 شعبان (30 يونية).
وعرف جوهر كيف يستميل المصريين ويستحوذ على ثقتهم فى نظام الحكم الجديد بإعلان جعفر ابن الفرات وزيرًا.
على أنه احتاط فلم يسكن الفسطاط، بل قضى ليلته الأولى بعد انتصاره فى معسكره إلى الشمال منها.
وفى اليوم التالى وضع أساس القصبة الجديدة القاهرة التى قدر لها أن تكون أكبر المدائن الإسلامية بعد بغداد. وبعد ذلك بسنة (24 جمادى الأولى سنة 359 = 4 إبريل سنة 970) أقام المسجد الأزهر المشهور.