خلال حفل أسطورى لنقل موكب المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة، أبهر المصريون بالأمس العالم أجمع، ليظهر للجميع كيف هى مصر، ماضى عريق، وحاضر عظيم، أجداد عظماء، وأحفاد يعرفون قيمة حضارتهم.
وبعيدا عن مومياوات أعظم ملكات وملوك التاريخ، والإناقة التى تحلت بها القاهرة بالأمس استعدادا للحفل المهيب، شهد الاحتفال أنشودة وملحمة فنية، قدمتها أوركسترا الاتحاد الفيلهارمونى بقيادة المايسترو نادر العباسى، وهى الأنشودة التى فجاءت العالم بتقديمها باللغة المصرية القديمة، حيث جاءت كمختارات من ترانيم المهابة لإيزيس من معبد دير الشلويط ومختارات من نصوص الأهرام".
وإيزيس هى إلهة رئيسة فى الديانة المصرية القديمة والتى انتشرت عبادتها فى العالم اليونانى الروماني. ذُكرت إيزيس لأول مرة فى المملكة المصرية القديمة (2686-2181 ق.م) كإحدى الشخصيات الرئيسة فى أسطورة أوزوريس، إذ قامت بإحياء زوجها الملك الإلهى المذبوح أوزوريس، كما أنجبت وريثه حورس وقامت بحمايته. كان يُعتقد أن إيزيس ترشد الموتى إلى الحياة الآخرة كما ساعدت أوزوريس، وكانت تُعتبر الأم الإلهية للفرعون إذ كان يُشبّه بابنها حورس. تمثلت مساعدتها الأمومية فى تعويذة الشفاء لمساعدة عامة الشعب.
فى "نصوص الأهرام" وثقت إيزيس للمرة الأولى فى التاريخ، فيما يُعرف بالنصوص الجنائزية. جاء ذكرها كالزوجة المطيعة والأم الحنون والأخت المحبة، وباعتبارها إبنة إله الأرض "جب" وإلهة السماء "نوت"، عُبدت مع زوجها وأخيها أوزوريس فى جميع ربوع مصر، فى بيوت الفلاحين البسطاء وقصور الأغنياء على حد سواء.
وتسجل نصوص الأهرام تلك السيرة والتى تتجلى فى الأمر الإلهي: "انتحبى إيزيس، انتحبى لأجل أخيك أوزوريس" وفى موضع آخر تخاطب النصوص أوزوريس قائلة: "إيزيس ستعتنى بك، ستعتنى بك بعد أن وجدتك".
مازالت تحتفظ مصر بالعديد من معابد إيزيس فى صعيد مصر، مثل معبد إبيدوس الواقع بين مدينتى جرجا ونجع حمادي، وهو أقدم معبد لإيزيس، حيث أنه بُنى قبل تشييد الأهرام، ويُعتقد أن به مدفن أوزوريس، وكذلك معبد قفط ومعبد فيلة الشهير فى جزيرة فيلة.
وبحسب مؤلفة كتاب "ألغاز إيزيس" الكاتبة ديتراكى ريجولا التى خصّصت جزءاً كبيراً من حياتها لدراسة تاريخ إيزيس وفلسفتها الدينية، حيث تشرح فى كتابها كيفية التطهّر بالماء من أجل الصلاة، وما هى الملابس المناسبة لتؤدى بها طقوس العبادة: أن تشعل شمعة، تتلو الصلاة وتتيقن أنك تعبد الإلهة ذاتها بما تمثله من أفكار وليس صورتها أو تمثالها.
تؤمن الكاتبة بأن إيزيس هى الأصل، من رحمها خرجت جميع النساء المقدسة واالمعتنقات الدينية. أوردت فى كتابها نص الصلاة الصباحى الذى تُستحضر به إيزيس كما كان يستحضرها عبدتها القدماء.
استيقظي، استيقظي، استيقظى فى سلام
يا سيدة السلام... يا إلهة الحياة
يا جميلة فى الجنة
الجنة فى سلام والأرض فى سلام
يا ابنة نوت وابنة جب وحبيبة أوزوريس
الكل يمتدحك
أعشقك... يا سيدة إيزيس