واحدة من أرفع المنح والتكريمات التى قد تعطيها الولايات المتحدة الأمريكية، هى منحها الجنسية الشرفية أو ما تعرف بالمواطنة الفخرية، وهى بمثابة أعلى تكريم يمنحه الكونجرس أو رئيس الولايات المتحدة لأى شخصية غير أمريكية، قد تكون صاحبة إسهامات أو قامات بإنجازات من شأنها الصالح الأمريكي، لكن هذا التكريم لا يعنى اعتبار الشخص الحاصل عليه مواطنًا أمريكيًا، إذ هى عبارة عن تكريم لا يمنح صاحبه الحقوق والامتيازات التى يتمتع بها المواطن الأمريكي.
وتمر اليوم الذكرى الـ 58 على منح الولايات المتحدة المواطنة الفخرية للزعيم البريطانى ونستون تشرشل ليكون أول أجنبى يحصل على هذه الصفة، حصل ثمانية أشخاص فقط على الجنسية الفخرية منذ بدء منحها. هم:
ونستون تشرشل
كان ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطانى وحليف الولايات المتحدة فى الحرب العالمية الثانية، أول من يحصل على الجنسية الفخرية الأميركية عام 1963، وأعلن حينها الرئيس الأميركى جون أف. كينيدى منح تشرشل الجنسية الفخرية بعد سماح الكونغرس بذلك، وأشاد نص القانون بشجاعة وبسالة تشرشل فى الحرب والسلام، مضيفا أنه كان "شعلة من الإلهام فى أحلك ساعة للحرية".
راوول والنبرج
طلبت الولايات المتحدة عام 1944 من السويد، باعتبارها طرفا محايدا فى الحرب العالمية الثانية، التعاون من أجل حماية اليهود المجريين الذين تعرضت حياتهم للخطر على يد النازيين، ولعدم وجود علاقات دبلوماسية تربط الولايات المتحدة بالمجر أثناء الحرب، وافق الدبلوماسى السويدى راوول والنبرج على الذهاب إلى المجر على رأس بعثة سويدية وقدم مساعدات أميركية لمئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وساهمت شجاعته فى إنقاذ حياتهم.
نتيجة لذلك، قرر الكونجرس فى أكتوبر 1981منح والنبرغ الجنسية الفخرية لأعماله البطولية التى أنقذ بها أعدادا هائلة من الأبرياء فى تلك الحرب، ومنحته أيضا إسرائيل وكندا والمجر وأستراليا أيضا جنسياتها الفخرية.
ويليام كاليهول بن وزوجته هانا
فى أكتوبر 1984، أصدر الكونجرس قرارا بمنح الجنسية الفخرية للبريطانى ويليام كاليهول بن لتأسيس بنسلفانيا عام 1681 واعترافه بحقوق المقيمين بها فى حكومة تمثلهم، إضافة إلى إقراره مبادئ تم تضمين بعضها فى ما بعد بالدستور الأميركى مثل احترام حريات الأشخاص المدنية والحريات الدينية والتعليم العام دون النظر إلى العرق أو الجنس أو المقدرة على الدفع.
وأسس بن فى بنسلفانيا نظاما قضائيا يضمن عقد محاكمات عامة أمام هيئة محلفين، كما عمل على حماية الحريات الشخصية والدينية، وهو ما نص عليه لاحقا التعديل الأول من الدستور الأميركي، إضافة إلى معارضته الحرب كحل للخلافات الدولية ودعوته إلى عقد برلمان للدول تناقش فيه النزاعات بصورة سلمية، أما زوجته هانا، فقد منحت الجنسية الفخرية وفقا للقرار ذاته لإدارة مقاطعة بنسلفانيا لست سنوات وعملها على ترسيخ مبادئ السلم والعدل.
الأم تيريزا
عرفت القديسة الكاثوليكية أنجيس جونكزهى بوجاكزهيو (الأم تيريزا) بمسيرتها الإنسانية الطويلة التى تضمنت مساعدة الأطفال والفقراء والمرضى، وقدمت الأم تيريزا التى تحمل الجنسية الهندية ولكنها من أصول عرقية ألبانية، عبر تجمع "راهبات الأعمال الخيرية" الكنسى الذى أسسته عام 1950، مساعدات للفقراء فى دول عدة من بينها الولايات المتحدة، إذ وفرت ملاجئ للنساء والرجال وأنشأت برامج تعليمية للأطفال ومراكز طبية فى دول مختلفة خاصة فى الهند وفى الدول التى استقلت عن الاتحاد السوفييتى فى بداية التسعينيات من القرن الماضي.
ومنح الكونجرس الجنسية الفخرية للأم تيريزا فى أكتوبر 1996 لأسباب عدة من بينها مساعدتها الجميع بغض النظر عن عرقهم ولونهم وحالتهم فى جميع أنحاء العالم بما فيها الولايات المتحدة، وحصولها على جائزة نوبل للسلام عام 1979 ووسام الحرية الرئاسى الأميركى عام 1985.
ماركى دى لافاييت
تمثلت ثقة جورج واشنطن بالعسكرى الفرنسى "ماركى دى لافاييت"، واسمه ماري-جوزيف بول إيف جيلبير دى موتييه، فى حصوله عام 1777 على رتبة Major General فى الجيش القارى (Continental Army) الذى كان يمثل المستعمرات الأميركية الـ13 فى حرب الاستقلال، وكان عمره حينها 19 عاما.
وتميز لافاييت بقدرته القيادية ونجاحه فى تأمين دعم الحكومة الفرنسية لواشنطن. وهو أول شخصية أجنبية توجه خطابا إلى الكونجرس، عام 1824، وجاء فى نص قانون الكونغرس الذى منحه الجنسية الفخرية عام 2002 "وضع لافاييت ماله الخاص وخاطر بحياته من أجل حرية الأميركيين".
كازمير بولاسكي
منح الكونجرس العسكرى البولندى كازمير بولاسكى الجنسية الفخرية عام 2009 تقديرا لمشاركته فى حرب الاستقلال الأمريكية.
وتذكر قناة "هيستوري" أن بولاسكى لدى وصوله إلى أميركا قال للقائد العسكرى وأول رئيس أميركى جورج واشنطن "أتيت هنا حيث يتم الدفاع عن الحرية لأخدمها".
وساهم بولاسكى فى معركة "براندى واين" عام 1777 التى انتصر فيها جورج واشنطن على القوات البريطانية، كما وضعه الكونغرس عام 1778 على رأس سلاح الفرسان، ولقب بـ"أبى الفروسية الأميركية".
برناندو دى جالفيز
منح الكونجرس الإسبانى برناندو دى غالفيز الجنسية الفخرية عام 2014 تقديرا لمساعدته المستعمرات الأميركية فى جهودها للحصول على الاستقلال من بريطانيا فى القرن الثامن عشر، وأرسل غالفيز، الذى كان قائدا عسكريا وحاكم منطقة لويزيانا التابعة وقتها لإسبانيا، بضائع ومؤنا تقدر قيمتها بـ 70 ألف دولار عبر نهر الميسيسبى إلى الأميركيين فى فيلادلفيا عام 1777.
ويذكر موقع إدارة المتنزهات الوطنية أن جالفيز كان متعاطفا مع قضية الاستقلال الأميركية، ونجحت حملاته العسكرية فى السيطرة على القلاع البريطانية فى لويزيانا وميسيسبى ما جعله "الرجل المناسب فى المكان والوقت المناسبين لصالح الولايات المتحدة"، بحسب الموقع، وتحمل مدينتان أميركيتان فى تكساس ولويزيانا اسم "غاليفستون"، كما يوجد تمثال له فى العاصمة واشنطن.