من الشخصيات الثقافية الشهيرة فى اللغة العربية "الأصمعى" وهو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن على بن أصمع الباهلى (121 هـ- 216 هـ/ 740 - 831 م) راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.
صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ
هَيَّجَ قَلبِى التَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً
مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي
وَسَيِّدِى وَمَولى لِي
فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي
غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي
قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ
مِن لَثمِ وَردِ الخَجَلِ
مولده ووفاته فى البصرة، كان كثير التطواف فى البوادى، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة، أخباره كثيرة جداً، وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر).
فَقالَ لا لا لا لا لا
وَقَد غَدا مُهَرولِ
وَالخُوذُ مالَت طَرَباً
مِن فِعلِ هَذا الرَجُلِ
حكى أن الأصمعى سمع بأنّ الشعراء قد ضُيق عليهم من قبل الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور فهو يحفظ كل قصيدة يقولونها ويدعى بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهى الشاعر من قول القصيدة يقوم الأمير بسرد القصيدة إليه ويقول له لا بل حتى الجارى عندى يحفظها فيأتى الجارى (الغلام كان يحفظ الشعر بعد تكراره القصيدة مرتين) فيسرد القصيدة مرة أخرى ويقول الأمير ليس الأمر كذلك فحسب بل إن عندى جارية هى تحفظها أيضاً (والجارية تحفظه بعد المرة الثالثة) ويعمل هذا مع كل الشعراء، أصيب الشعراء بالخيبة والإحباط، حيث إنّه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً.
فَوَلوَلَت وَوَلوَلَت
وَلى وَلى يا وَيلَ لِي
فَقُلتُ لا تُوَلوِلي
وَبَيّنى اللُؤلُؤَ لَي
قالَت لَهُ حينَ كَذا
اِنهَض وَجد بِالنقَلِ
وَفِتيةٍ سَقَونَنِي
قَهوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمتُها بِأَنَفي
أَزكى مِنَ القَرَنفُلِ
فسمع الأصمعى بذلك فقال إنّ بالأمر مكرًا، فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني، فلبس لبس الأعراب وتنكر حيث إنّه كان معروفاً لدى الأمير. دخل على الأمير وقال إن لدى قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل، فقال له الأمير هات ما عندك، فقال القصيدة، الخليفة يحفظ من أول مرة والغلام من الثانية والجارية من الثالثة، حينها أسقط فى يد الأمير فقال يا غلام يا جارية، قالا لم نسمع بها من قبل يا مولاي، فقال الأمير أحضر ما كتبتها عليه فنزنه ونعطيك وزنه ذهباً، قال ورثت عمود رخام من أبى وقد كتبتها عليه، لا يحمله إلا عشرة من الجند، فأحضروه فوزن الصندوق كله، فقال الوزير يا أمير المؤمنين ما أظنه إلا الأصمعى فقال الأمير أمط لثامك يا أعرابى، فأزال الأعرابى لثامه فإذا به الأصمعي، فقال الأمير أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟ قال يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا، قال الأمير أعد المال يا أصمعى قال لا أعيده، قال الأمير أعده قال الأصمعى بشرط، قال الأمير فما هو؟ قال إنّ تعطى الشعراء على نقلهم ومقولهم.
فِى وَسطِ بُستانٍ حُلِي
بِالزَهرِ وَالسُرورُ لِي
وَالعُودُ دَندَن دَنا لِي
وَالطَبلُ طَبطَب طَبَ لِي
طَب طَبِطَب طَب طَبَطَب
طَب طَبَطَب طَبطَبَ لِي
وَالسَقفُ سَق سَق سَق لِي
وَالرَقصُ قَد طابَ لِي
شَوى شَوى وَشاهشُ
عَلى حِمارِ أَهزَلِ
يَمشِى عَلى ثَلاثَةٍ
كَمَشيَةِ العَرَنجلِ
وَالناسِ تَرجم جَمَلِي
فِى السُواق بِالقُلقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعكَع كَعِكَع
خَلفى وَمِن حُوَيلَلي
لَكِن مَشَيتُ هارِباً
مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي
إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ
مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ
يَأْمُرُلِى بِخَلْعَةٍ
حَمراء كَالدَم دَمَلي
أَجُرُّ فيها ماشِياً
مُبَغدِداً لِلذِيِّلِ
أَنا الأَدِيبُ الأَلمَعِي
مِن حَى أَرضِ المُوصِلِ
نَظِمتُ قِطعاً زُخرِفَت
يَعجزُ عَنها الأَدبُ لِي
أَقولُ فَى مَطلَعِها
صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ