المسحراتى رغم خفوت بريقه مع الوقت، لكنه يبقى طقسا رمضانيايمتاز به الشهر الكريم عن دونه من شهور العام، وهو الشخص الذى يأخذ على عاتقه إيقاظ المسلمين فى ليالى شهر رمضان لتناول وجبة السحور، والمشهور عن المسحراتى هو حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر.
كان أول مسحراتى فى العهد الإسلامى هو الصحابى الجليل بلال بن رباح، وبحسب ما تذكره مجلة اليمامة السعودية فى عددها 2023 الصادر فى عام 2008، فإن بلال كان يجوب الطرقات ليلا لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب، كما طلب منه النبى صلى الله عليه وسلم، وكان أول مؤذن فى الإسلام ومعه ابن أم مكتوم، يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور.
فيما يذكر كتاب "رياض المعرفة" للكاتب الدكتور عبد الله أبو علم عن مهنة المسحراتى (ص360)، أنها ظهرت بشكل رسمى فى عهد الحاكم بأمر الله الفاطمى، حيث كان قد أصدر أمرا بأن ينام الناس مبكرًا بعد صلاة التراويح، وكان جنوده يمرون على البيوت ويوقظون الناس لتناول السحور.
وفى عصر الدولة العباسية يعتبر عتبة بن إسحاق أول الولاة، وكان واليا على مصر، أول من كانوا يسحرون الناس، فكان يخرج بنفسه سيرا على قدميه لإيقاظ الناس مرددا "يا عباد الله تسحروا، فإن فى السحور بركة".
وتطورت تلك الظاهرة كما يصفها الكتاب على أيدى المصريين، الذين ابتكروا الطبلة التى يحملها المسحراتى ويدق عليها دقات منتظمة، وكانت تسمى "بازة" ثم تطورت إلى طبلة كبيرة أثناء تجوله فى الأحياء وهو يقول أشعارا شعبية وزجلا خاصا، ثم تطورت المهنة لتضم فريقا معهم طبلة وصاجات برئاسة المسحراتى، يؤدون أهازيج خفيفة، يؤلفها الشعراء الشعبيون.
وكان المسحراتى قديما يرافقه رجل آخر يحمل فانوسا، حتى يشاهد المسحراتى الطريق فى ليالى رمضان، حيث لم تكن توجد إنارة فى الشوارع والطرق الوعرة الضيقة قديما.