فاز 8 مهندسين معماريين مصريين بمسابقة دولية لإعادة بناء مجمع جامع النورى التاريخى فى الموصل بالعراق، كما أعلنت اليونسكو، وذلك بعدما لحقت أضرار جسيمة بالمجمع خلال معارك استعادة مدينة الموصل عام 2017، وتشكل إعادة إعمار المسجد جزءًا من مشروع المنظمة لإحياء المدينة القديمة، واختير المشروع الفائز تحت عنوان "حوار الأروقة" من بين 123 تصميما.
المسجد الذى بنى فى القرن الثانى عشر والمعروف بمنارته الحدباء، تضرر كثيرًا خلال المعارك المدمرة بين القوات الأمريكية والعراقية وتنظيم داعش الإرهابى الذى كان يحتل الموصل.
يعود تاريخ هذا الجامع إلى العهد الزنكى، وتحديداً إلى فترة تولى سيف الدين غازى الثانى بن مودود زمام الحكم فى الموصل، فقد حكم البلدة لفترة وجيزة من 565 إلى 576 هـ (1170-1180 م)، وقد كان سيف الدين ضعيف الإرادة، مغلوباً على أمره، وقيل أن وزيره فخر الدين عبد المسيح كانت بيده السلطة الحقيقية ولم يكن لسيف الدين سوى الاسم، ضاق هذا الأمر على بردابكى نور الدين (وهو ابن أخ سيف الدين الثاني) فتوجه إلى الموصل واحتلها بلا مقاومة 566 هـ.
مكث نور الدين فى الموصل أربعة وعشرين يوماً، وخلال هذه الفترة قام بإصلاحات منها تخفيف الضرائب، رأى نور الدين فى هذه الفترة ما يعانيه المصلون من ضيق الجامع، فلم يكن بها جامع يجمع به سوى الجامع الأموي، ولكن سكان البلدة ازدادوا ورأى بذلك حاجتها إلى جامع جديد، وبعد الاحتلال المغولى للموصل لاقى هذا الجامع كغيره الكثير من الإهمال والتخريب، ودمرت الموصل تدميرًا شبه كاملا، سنة 1146 هـ تولى حسين باشا الجليلى ولاية الموصل، وفى عام 1150 هـ انتشر فى المدينة طاعون شديد مات فيه الكثير من أهلها وفى نفس السنة أعيد إعمار وتنظيف الجامع.
فى القرن الثالث عشر الهجرى حاول محمد بن الملا جرجيس القادرى النورى ترميم الجامع، واتخذ له فى الجامع تكية عام 1281 هـ وتوفى عام 1305 هـ.
وقام المشتشرق الألمانى ارنست هرتسفلد بدراسة عن الجامع فى أوائل القرن العشرين، وقال : إن ما بقى فى تلك الفترة من الجامع لا يعود كله إلى فترة نور الدين فقط، بل إنه كان بالأصل مبنى فوق مسجد بناه سيف الدين غازى الأول عام 543 هـ والتى كانت بدورها أصلا مبنية على ضريح، وهناك من قال أن بناء الجامع بدأ قبل مجيء نور الدين إلى الموصل بعشرين سنة وأنه لم يامر بإنشاء الجامع ولكنه أشرف فقط على إتمام بنائه، وأن رواية ابن الأثير مفبركة بهدف إظهار نور الدين وشيخه الملاء بأحسن وجه، ويقال أيضا أن الجامع بنى على كنيسة تسمى كنيسة الأربعين شهيد والتى بنيت على أرض كانت سابقا كنيسة القديس بولس، شكك الديوه جى فى هذه الآراء معتمدا بالأساس على نصوص ابن الأثير فى هذا الموضوع، والذى كان والده مسؤول رفيع المستوى لدى الزنكيون فى الموصل.
تعرض المسجد للقصف عدة مرات فى معركة الموصل (2016–17)، مما هدد بانهيار المنارة، وفى يوم 25 رمضان 1438 هـ 21 يونيو 2017 م دُمر مسجد النورى ومنارته الحدباء، حيث اتهم تنظيم الدولة الإسلامية عبر وكالة أعماق الإخبارية طيران التحالف الدولى بتدمير المسجد والمنارة، بينما نفى التحالف ذلك. ولكن الحكومة العراقية اتهمت التنظيم بتفجيره، وبثت مقطع فيديو تقول أنه يثبت ذلك، وذهب العبادى إلى حد أبعد قائلا على موقعه الإلكترونى إن "تفجير داعش لمنارة الحدباء وجامع النورى هو إعلان رسمى لهزيمة التنظيم".