جميعنا يرغب فى السلطة لكن هل نملك حقا القدرة على تأدية أمانتها؟ يقول كتاب "فقه الدولة وفقة الجماعة" الصادر ضمن سلسلة الرؤية، التى قدمتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحت عنوان "إدارة الدول بين الخبرة والهواية".
كثير من الناس لا يدركون مفهوم بناء الدول أو إدارة الدول أو سياسة الدول فضلا عن قيادة الدول ويظن بعضهم أن الأمر هينا أو يسيرا، وليس الأمر كذلك على الإطلاق، إنه يتجاوز كل دوائر الهواية بمراحل، إنه سلسلة متشابكة ومعقدة من الخبرات المتراكمة، إنه القدرة على سرعة قراءة الواقع وفهم تحدياته وفك شفراته وحل طلاسمه والتعامل معه على أسس علمية ومنطقية فى ضوء الخبرات المتراكمة.
الخبرة عملية تراكمية جانب منها يكون ناتج عن علم ودراسة، وجانب آخر يبنى على الدربة والممارسة والفراسة وتوقد الذهن وشدة النباهة، والذكاء والتوفيق.
ألا ترى أنك قد تقف عن عمل فنانين أو رسامين أو نحاتين أو سباكين أو محارين أو نقاشين أو غيرهم ذوى المهارات الإبداعية وكل منهم شديد التميز غير أن تميز أحدهم عن الآخر فى دقة الصنعة ودقائق فنونها الجمالية والإبداعية لا يدركه إلا أهل الخبرة والدربة الشديدة ممن مارسوا الصنع وتميزوا فيها لسنوات وسنوات.
وإذا كان الأمر كذلك فى الصناعات الحرفية والمهنية الخفيفة واليدوية، فما بالكم بإدارة المؤسسات والدول مع كل تحديات العصر وتشابكاته وتعقيداته ومشكلاته الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والفنية.
إن الأمر يحتاج إلى علم وخبرة ودربة وتخصص وليس مجرد هواية، وعندما ننظر فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نجد أنهما يؤكدان ضرورة توفر الكفاءة والكفاية والأمانة حيث يقول الحق سبحانه فى كتابه العزيز على لسان سيدنا يوسف عليه السلام لعزيز مصر "اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم" ويقول سبحانه على لسان ابنة شعيب لأبيها فى شأن سيدنا موسى عليه السلام يا أبت استئجره إن خير من استئجرت القوى الأمين".
ولما طلب سيدنا أبو ذر رضى الله عنه من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعمله قال له صلى الله عليه وسلم يا أذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وأنها يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها".