جامع أبو السعود الجارحى،هو أحد المساجد الأثرية بمنطقة مصر القديمة، والذى يقع بالقرب من منطقة كوم الجارحى، شرق جامع عمرو بن العاص، وسمى بهذا الاسم نسبة لصاحبه الشيخ العارف بالله أبو السعود الجارحى، وهو من شيوخ المتصوفين خلال القرن العاشر الهجرى.
ويقول ابن إياس فى حوادث "933هـ"، عن أبو السعود الجارحى، إنه عندما رفض طومان باى تولى السلطة بعد مقتل السلطان الغورى ألح الأمراء عليه أن يذهب إلى الشيخ العارف بالله، وذلك ليستخير له الله فى أمر تولى كرسى السلطنة، ويقول ابن إياس: ثم ركب الأمير طومان باى والأمراء وتوجهوا إلى كوم الجارح عند الشيخ أبو السعود وتعلل طومانباى بأن خزائن بيت المال ليس فيها درهم ولا دينار للإنفاق على العسكر، ومنها أن الأمراء يغدرون به ويرسلونه إلى السجن، وهنا أحضر الشيخ أبو السعود بين يدى الأمراء مصحفًا وحلفهم عليه بأنهم إذا سلطنوا طومان باى لا يغدرون به ولا يثيرون الفتن، وينتهوا عن ظلم المسلمين وأصر أن الأمير طومان بأى يتقبل السلطنة وتقبلها، وتوفى الشيخ أبو السعود 931هـ ودفن بزاوية بالكوم الجارحى بالقرب من جامع عمرو بن العاص فى السرداب الذى كان يعتكف فيه.
كان جامع أبو السعود الجارحى، زاوية للشيخ ولكن الأمير عبد الرحمن كتخدا جعله مسجدًا يشتمل على ثلاث بوائك وملحق به قبور ومساكن للخدم وبه ضريح الشيخ أبو السعود الجارحى كتب عليه "إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، جدد هذا الضريح المبارك محمد طاهر باشا" وللجامع مئذنة وبئر وله أوقاف خاصة به.
يتكون جامع أبو السعود الجارحى من جزئيين الأمامى هو إيوان للصلاة وهو يتكون من ثلاثة أروقة، شيد فوق الجامع القديم الذى شيده عبد الرحمن كتخدا فى 1158هـ، والجامع الحالى خال من الزخرفة والنصوص الكتابية، وكل من المنبر والمحراب والسقف والنوافذ حديثة وكذلك الجدران مطلية بطلاء حديث، والعنصر القديم فى الجامع ستة أعمدة من الرخام مجددة التيجان، بالإضافة إلى باب فى الجهة الجنوبية يتوجه عقد ثلاثى.
أما عن المئذنة فهى تقع فى الطرف الجنوبى بالجامع نصفها السفلى قديم أما النصف العلوى مجدد بواسطة الأهالى، مثل باقى أجزاء الجامع، كما أن الجزء الخلفى للجامع يتكون من الضريح والبهو الملحق به فقد جددته وزارة الأوقاف بالخرسانة المسلحة والطوب الأحمر، ولم يتخلف عنه أى مخلفات أثرية، وكان ذلك قبل صدور قرار اللجنة الدائمة بتسجيل الآثار، حيث قررت تسجيله ضمن الآثار الإسلامية لما له من قيمة تاريخية وروحية فى تاريخ القاهرة الإسلامية، حيث كان الجامع حالته سيئة للغاية وتزداد خطورة يومًا بعد يوم حيث أن الجدران كان بها شروخ وتصدعات وهبوط فى الأرضية وتآكل أخشاب السقف مما استدعى القيام بأعمال الترميم والترميم الدقيق لهذا الجامع، والتي تمت من خلال وزارة السياحة والآثار.