جاء القرآن الكريم، نصا جمالى بامتياز، ونورا للناس وبيانات من الهدى والفرقان، ذلك النص الإلهى البليغ، ومعجزة الله الكلامية إلى العالمين، ورسالة الهدى للناس التى جاء بها النبى محمد صلى الله عليه وسلم، يحمل الكثير من الصور البلاغية العظيمة والتعبيرات الجمالية الجديرة بالتوقف، فجاء كآية للناس بجلال كلماته وجمال مفرداته وعظمة بلاغته، وقادر على جذب أسماعهم وأبصارهم، ويأسر قلوبهم.
وفى القرآن العديد من الآيات التى نزلت بلغة جميلة ووجيزة قادرة على التعبير الجمالى والتصوير الفنى، ومفردات كثيرة زينها الحسن والإبداع والإتقان، ومن تلك الآيات الجمالية التى جاءت فى القرآن: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1).
دائما ما نعانى فى حياتنا من الضيق، يمتلكنا الهم، لكن الله دائما قادر على شرح الصدور، وملؤها بالخير والحب والسلام، ويرتبط الشعور بالضيق بمشاكلنا الحياتية وأمورنا اليومية، فيمتلكنا الإحساس بالخطر والرغبة فى رسم صورة خشنة نختفى خلفها من كل ما يهددنا فى حياتنا الاجتماعية والعملية، حتى ينزل الله السكينة على القلوب، فيشرح الصدور ويؤلف القلوب بالحب والنور والجمال.
ووفقا لتفسير ابن كثير: يقول تعالى: (ألم نشرح لك صدرك) يعنى: أما شرحنا لك صدرك، أى: نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) [الأنعام: 125]، وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق.
وقيل: المراد بقوله: (ألم نشرح لك صدرك) شرح صدره ليلة الإسراء، كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة، وقد أورده الترمذى هاهنا، وهذا وإن كان واقعا، ولكن لا منافاة، فإن من جملة شرح صدره الذى فعل بصدره ليلة الإسراء، وما نشأ عنه من الشرح المعنوى أيضا.