تمر اليوم الذكرى الـ145، على إنشاء صندوق الدين بمصر، وذلك فى 2 مايو عام 1876م، بعد أن عجز الخديوى إسماعيل عن سداد أقساط ديون بلاده المستحقة للبنوك الأوروبية، والذى كان له أثر كبير فى تدخل العديد من الدول الأجنبية فى السياسات الداخلية للبلاد، ومن ثم الاحتلال الإنجليزى لمصر.
كان لجنة دولية تأسست بمرسوم من الخديوى إسماعيل فى 2 مايو 1876 للاشراف على سداد الحكومة المصرية ديونها للحكومات الأوروبية، التى تراكمت فى عصر إسماعيل، وكان الصندوق فى البداية يرأسه أمين وثلاثة مفوضون يمثلون حكومات النمسا-المجر، فرنسا وإيطاليا.
شعر الخديوى بارتباك الحالة المالية، وما تنطوى عليه من الأخطار، وما يجر إليه سخط الماليين والأوروبيين من العواقب، فأراد استرضاء الدائنين بوضع نظام يكفل لهم استيفاء ديونهم، فطلب إلى وكلاء الدائنين بمصر وضع النظام الذى يرتضونه، فقدم وكلاء الماليين الفرنسيين مشروعا بإنشاء صندوق الدين وتوحيد الديون، أما الماليون الإنجليز فإنهم لم يشتركوا فى هذه المفاوضات، انتظارا للخطة التى ترسمها الحكومة.
وبحسب مجلة "ذاكرة مصر" التابعة لمكتبة الإسكندرية، كانت الروزنامة هيئة تودع فيها أموال الأفراد فى مقابل معاشات تقوم الروزنامة بدفعها إليهم، وفى عام 1874 فكرت الحكومة فى طريقة جديدة للحصول على أموال الأهالى فأصدرت سندات بلغ مجموع قيمتها الاسمية خمسة مليون جنيه، ويتراوح قيمة السند بين جنيه وخمسة جنيهات وبفائدة 9%، وعندما عرضت تلك السندات على الأهالى رفضوا الاكتتاب فيها ولكن الحكومة أجبرتهم على ذلك و بلغ قيمة ما اشتروه 3,327,000 جنيه لم يدخل الخزانة منه سوى 1,800,000 جنيه. وقد بلغت الديون حدا غير معقول أدى فى النهاية إلى التدخل الأجنبى وفقدان مصر لاستقلالها المالى.
وفى عام 1876 أصبح استقلال الخديوى إسماعيل مقيدا بسبب ازدياد سيطرة أصحاب الديون، فطلب من بريطانيا إيفاد موظف مالى لدراسة حالة الحكومة المالية، فلبت الحكومة البريطانية طلب الخديوى إسماعيل، وأرسلت إليه بعثة مكونة من أربعة من موظفيها برئاسة ستيفن كيف .وقد أوضح "كيف" فى تقريره الذى وضعه أن أسباب سوء الحالة المالية هى فداحة الشروط التى عقدت بها القروض المتوالية وخافت فرنسا أن تستأثر بريطانيا بالنفوذ لدى إسماعيل، ولذلك أرسلت هى أيضا أحد موظفيها وهو المسيو "فلليه" ليعاون الخديوى إسماعيل فى تنظيم ماليته.
وعندما شعر إسماعيل بارتباك المالية المصرية، أراد استرضاء الدائنين، فاستجاب لمطالب وكلاء الدائنين الفرنسيين وأصدر فى الثانى من مايو 1875 مرسوما بإنشاء صندوق الدين على أن يتكون من أربعة أعضاء، عضو إنجليزى وعضو فرنسى وعضو نمساوى وعضو إيطالى .