من الطقوس الدينية التى يحرص المسلمون على تأديتها خلال شهر رمضان الكريم، صلاة قيام الليل، سنة عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أوصى الرسول الكريم بها فى حديثه: "(عليكم بقيامِ الليلِ؛ فإنَّه دَأْبُ الصالحينَ قبلَكم، وهو قُرْبةٌ إلى ربِّكم، ومَكْفَرةٌ للسِّيِّئاتِ، ومَنْهاةٌ عن الإثمِ)، وقد نقل الإجماع عن عدد من العُلماء، ومنهم: الإمام النووي، وابن حجر، وابن عبد البر، على سنية قيام الليل فى حق الأُمة".
وصلاة قيام الليل تكون فى أول الليل، أو أوسطه، أو آخره، لكن فى الآخر أفضل، وهو الثلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، ومن السنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التى فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التى فيها رحمة، وأن يسبح حينما تمر به آية تسبيح، وأن يطمئنّ فى صلاته، ويخشع فى ركوعه وسجوده.
الأفضل فى صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «صلاة اللَيل مثنى مثنى، فإذا خَشى أحدُكمُ الصُبح، صلَى ركعة واحدة تُوترُ له ما قد صلَى وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتى بواحدة، وإن أوتر بخمس فيسلم بعد كل ركعتين، ومن ثمّ يأتى بركعة واحدة، ويراعى فى صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع فى صلاته ولا يتعجل فيها، فإن يصلى عدداً قليلاً من الركعات بخشوع وطمأنينة؛ خير له مما هو أكثر بلا خشوع.
وبحسب دار الإفتاء المصرية، فأن قيام الليل مدرسة المخلصين، ومضمار السابقين، وأن الله تعالى إنما يوزع عطاياه، ويقسم خزائن فضله فى جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنيام، وما بلغ عبد الدرجات الرفيعة، ولا نور الله قلبا بحكمة، إلا بحظ من قيام الليل.
والسر فى ذلك أن العبد يمنع نفسه ملذات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيراً مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا، ولهذا قال الإمام ابن القيم: "وأربعة تجلب الرزق: قيام الليل، وكثرة الاستغفار بـ الأسحار، وتعاهد الصدقة، والذكر أول النهار وآخره".