"كلمات من الشرق" يختتم حكايات عمرها أكثر من 800 سنة سعرها تجاوز 60 مليون درهم

اختتمت هيئة الشارقة للكتاب معرض "كلمات من الشرق"، الذى قدم خلال الفترة من 27 أبريل حتى 3 مايو، بمجموعة كبيرة من المخطوطات والمقتنيات النادرة التى يرجع تاريخ البعض منها لأكثر من 800 عام، حيث تحول مقر الهيئة فى الشارقة إلى حاضنة لأهم الكتب وأندرها والتى تم جلبها من مختلف أنحاء العالم وتقدّر قيمتها المادّية بأكثر من 60 مليون درهم إماراتى. وعلى امتداد أيام الحدث، تعرف الزوار على الكثير من التفاصيل والحكايات التاريخية عن كثب، وذهبوا فى رحلة عبر الزمن من خلال الإصدار الأول من موسوعة "وصف مصر"، وهو عبارة عن 23 مجلّداً يضمّ 935 رسماً، حيث تمثّل هذه الموسوعة أكبر عمل مخصص لدراسة حياة شعب من الشعوب حول العالم وتعتبر أحد أهم المصادر والمراجع التاريخية التى عمل عليها نخبة من العلماء والفنانين والمختصين بدراسة حملة نابليون بونابرت على مصر، كما احتضن المعرض كتاب "الرحلة إلى بلاد فارس" للمستشرق "أندريان دوبري"، الذى نشر عام 1819 ويروى فيه تفاصيل رحلته إلى آسيا الصغرى وبلاد ما بين النهرين وتركيا وأرمينيا وبلاد فارس. واطلع زوار المعرض على الإصدار الأول للمؤلف العثمانى "الكاتب شلبي" وهو كتاب بعنوان "جهان نُما- مرآة العالم"، الذى جاء بطبعة "إبراهيم متفرّقة" فى القسطنطينية عام 1145، ويضمّ بين دفّتيه 40 خريطة ورسماً ملوناً، من أبرزها خريطة شبه الجزيرة العربية ونماذج فلكية للكون وخرائط للمناخ والرياح وغيرها. وقدم المعرض لجمهوره فرصة العودة إلى القرن السابع عشر والعشرين، حيث تعرّفوا على مجسمات للكرة الأرضية كان أبرزها مجسّم وخارطة سماوية صدرت فى روما بين الأعوام 1632 و1636، كما أتاح فرصة الاطلاع على نسخ قيّمة للعمل الأدبى الإنسانى "ألف ليلة وليلة" بلغات عالمية مختلفة تمتاز بطبعاتها المتنوّعة وألوان أوراقها والرسومات التى احتوت عليها، وهى مجموعة من مقتنيات معالى محمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى جانب العديد من النسخ والإصدارات الأدبية والعلمية للعديد من المفكرين والفلاسفة والعلماء أمثال ابن سينا والحسن ابن الهيثم وآخرين تعود إلى الأعوام من 1480 وصولاً إلى 1579 ميلادي. وخصص المعرض زاوية أمام الجمهور للاطلاع على جماليات وتاريخ الفنون الإسلامية وفنّ نسخ المصحف الشريف وما مرّ به من تحولات، حيث استضاف عشرات المخطوطات من مقتنيات وزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطنى الاتحادي، معالى عبدالرحمن بن محمد العويس، تعود جميعها إلى مئات السنوات وكُتبت بأيدى أشهر خطاطى العالم الإسلامي. وعلى امتداد أيام ازدانت جدران الهيئة بمجموعات واسعة من الصوّر النادرة التى تناولت فى مواضيعها الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للدول حول العالم خاصة المنطقة العربية، ورصدت رحلات الحجّ، وأخرى تناولت الكعبة الشريفة، كما عرض الحدث عدداً كبيراً من الخرائط التى عرّفتبخطوط وحركة التجارة والملاحة المتّبعة قبل أكثر من مئتى عام، إلى جانب ملصقات إعلانية سياحيّة يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر، تعتبر من أبرز المقتنيات وأكثرها أهمية فى مجال هذا النوع من الفنون، قام برسمها نخبة من الفنانين المتخصصين مثل ليون كاريه، وهوغو دالسي، وجاك ماجوريل، وآخرين. وقال أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "سعينا لأن يكون المعرض بوابة تفتح على أجمل ما أنتجه العقل، وفرصة للاطلاع على قوة وتأثير الثقافة العربية والإسلامية فى الحضارة الإنسانية عبر القرون، وفى الوقت نفسه أردنا التعريف بالقيمة الخاصة التى تحملها المخطوطة والتى لا تأتى من الكلمات والمعارف التى تحتويها وحسب، بل باعتبارها عملاً فنيّاً مهماً تجاوز حدوده التاريخية وحافظ على وجوده على امتداد الزمن". وتابع العامري: "جاء تنظيم المعرض ترجمة لرؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذى لطالما دعانا للحفاظ على الإرث الإنسانى والعمل على استمراريته وديمومته، وتأكيداً على مكانة الشارقة كمنارة للعلم والمعرفة عربياً وعالمياً". ونظم المعرض سلسلة من الجلسات الحوارية والثقافية التى استضافت نخبة من الباحثين والمتخصصين فى مجال المخطوطات الذين سلطوا الضوء على الكثير من القضايا التى تخدم الحفاظ على المخطوطات وحمايتها والإبقاء على حضورها وديمومتها بالرغم من مختلف التطورات الراهنة.