تحل اليوم الذكرى الـ1336 على وفاة مروان بن الحكم، إذ رحل فى مايو عام 685، عن عمر ناهز 63 عاما، وهو رابع خلفاء الدولة الأموية، والذى يعد مؤسس الدولة الأموية الثانية، مؤسس السلالة التى حكمت العالم الإسلامى بين عام 685 و750م، ومن ثم حكمت الأندلس بين عامى 756 و1031م.
ومروان ابن الحكم واحد من الشخصيات المثيرة للجدل، حيث يوجه إليه اتهامات تاريخية، عن مكره ودهائه مما جعله يصل إلى المكانة التى وصل إليها، لكن على جانب آخر له جانب أكثر تبجيلا وتقديسا.
ومروان بن الحكم يذكر على أنه واحد من رواة الأحاديث النبوية الشريفة، حيث روى عن عدد من الصحابة منهم على بن أبى طالب، وروى عنه (أيام معاوية) سهل بن سعد وهو أكبر منه سنا وقدرا لأنه من الصحابة، وروى عنه عدد من أفاضل التابعين مثل على بن الحسين (زين العابدين) وعروة بن الزبير وسعيد بن المسيب، وأخرج حديثه البخارى وأبو داود والترمذى (وصححه) والنسائى وابن ماجه، وهو ثقة بإجماعهم، وكان يُعَد من الفقهاء.
ويذكر أنه روى عن النبى حديثًا فى صلح الحديبية، والحديث فى صحيح البخارى عن مروان والمسور بن مخرمة، كما روى مروان عن عمر وعثمان، وكان كاتبَه -أى كان كاتب عثمان- وروى عن على وزيد بن ثابت، وبسيرة بنت صفوان الأزدية، وكانت خالته وحماته.
وقال ابن حجر: وقد اعتمد حتى مالك على حديثه ورأيه، وقال المؤرخ ابن خلدون فى مقدمته "وكذلك كان مروان ابن الحكم وابنه -وإن كانوا ملوكا- لم يكن مذهبهم فى الملك مذهب أهل البطالة والبغي، إنما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم، إلا فى ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذى هو أهم لديهم من كل مقصد، يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم، فقد احتج مالك فى الموطأ بعمل عبد الملك، وأما مروان فكان من الطبقة الأولى من التابعين، وعدالتهم معروفة".
وجاء فى سير أعلام النبلاء أنه كان ذا شهامة، وشجاعة، ومكر، ودهاء، أحمر الوجه، قصيرا؛ أوقص دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، يلقب: خيط باطل، قال الشافعي: لما انهزموا يوم الجمل، سأل على عن مروان، وقال: يعطفنى عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش، وقال قبيصة بن جابر: قلت لمعاوية: من ترى للأمر بعدك؟ فسمى رجالا، ثم قال: وأما القارئ الفقيه الشديد فى حدود الله، مروان.
وكان مروان حكيمًا ذا عقل وكياسة، ومما يدل على حكمته وعقله أنه كان أثناء ولايته على المدينة إذا وقعت مشكلة شديدة جمع من عنده من الصحابة فاستشارهم فيها، وهو الذى جمع الصيعان فأخذ بأعدلها فنسب إليه الصاع، فقيل: صاع مروان.
قال عنه أبو بكر بن العربى: "مروان رجل عدل من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين، أما الصحابة فإن سهل بن سعد الساعدى روى عنه، وأما التابعون فأصحابه فى السن، وإن كان جازهم باسم الصحبة فى أحد القولين، وأما فقهاء الأمصار فكلهم على تعظيمه، واعتبار خلافته، والتَّلَفُّت إلى فتواه، والانقياد إلى روايته، وأما السفهاء من المؤرخين والأدباء فيقولون على أقدارهم".