كنا قد شرعنا فى الكلام عن معركة اليرموك الشهيرة بين المسلمين والروم، وكنا قد أشرنا إلى دعوة الخليفة أبو بكر الصديق القادة المسلمين للاستعداد، فما الذى حدث بعد ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير:
لما بلغ هرقل ما أمر به الصديق أمراءه من الاجتماع، بعث إلى أمرائه أن يجتمعوا أيضا، وأن ينزلوا بالجيش منزلا واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب، وعلى الناس "أخوه تذارق" وعلى المقدمة "جرجة" وعلى المجنبتين "ماهان، والدارقص" وعلى البحر "القيقلان".
وقال محمد بن عائد عن عبد الأعلى عن سعيد بن عبد العزيز: إن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفا، وعليهم أبو عبيدة، والروم كانوا عشرين ومائة ألف عليهم ماهان وسقلاب يوم اليرموك.
وكذا ذكر ابن إسحاق أن سقلاب الخصى كان على الروم يومئذ فى مائة ألف، وعلى المقدمة جرجه - من أرمينية - فى اثنى عشر ألفا، ومن المستعربة اثنى عشر ألفا عليهم جبلة بن الأيهم، والمسلمون فى أربعة وعشرين ألفا، فقاتلوا قتالا شديدا، حتى قاتلت النساء من ورائهم أشد القتال.
وقال الوليد: عن صفوان، عن عبد الرحمن بن جبير قال: بعث هرقل مائتى ألف عليهم ماهان الأرمنى.
وبعث الصحابة إلى الصديق يستمدونه ويعلمونه بما اجتمع من جيش الروم باليرموك، فكتب الصديق عند ذلك إلى خالد بن الوليد أن يستنيب على العراق، وأن يقفل بمن معه إلى الشام، فإذا وصل إليهم فهو الأمير عليهم، فاستناب المثنى بن حارثة على العراق، وسار خالد مسرعا فى تسعة آلاف وخمسمائة، ودليله رافع بن عميرة الطائى فأخذ به على السماق حتى انتهى إلى قراقر، وسلك به أراضى لم يسلكها قبله أحد.