فى عالم السياسة تقع مواقف تزداد طرافتها إذا كان أحد أطرافها أديبا أو خطيبا، ومن ذلك ما جرى مع الكاتب الفرنسى الكسندر دوما الابن (1824 - 1895)، الذى عاصر الأمير بونابرت، والذى كان أحيانا ما يكتب بعض الأشعار ولم تكن على المستوى اللائق أدبيا، وفكر فى إحدى المرات أن يعرض ما يكتبه على أحد كبار الأدباء والكتاب، وبالفعل انتهى الأمير بونابرت من كتابة مجموعة شعرية أرسلها إلى الكسندر دوما الابن وأرفق بها بطاقة قال فيها( لقد نظمت هذه الأشعار الصغيرة فى أوقات فراغى، وأرجو أن تقول لى رأيك فيها»، فأجابه الكسندر دوما قائلا: رأيى فيها يا سيدى هو رأى سموك فى شخصى فيما لو قررت أن أعمل أميرا فى أوقات فراغى».
وكان الانضمام إلى الأكاديمية الفرنسية التى كانت تسمى مجمع الخالدين أحد أحلام كبار الأدباء والفلاسفة والكتاب، وبعد أن انضم الروائى والمسرحى الفرنسى اوجين لابيش إلى «الأكاديمية الفرنسية»، وفى أول يوم يستقبل فيه كان الجو باردا جدا، وكان لابيش يرتجف من شدة البرد، داخل بدلته الخضراء فسأله الشاعر بيرون: أترتجف يا سيد لابيش؟، فرد مجيبا وهو يمسد على سيفه: أجل، لأنها المرة الأولى التى أحمل فيها سلاحا.
أما الروائى الشهير بومارشيه الذى عاصر الملكة مارى انطوانيت، فقد كان من أصول متواضعة، وكان معروفا بأنه يجيد العزف على الهارب. وقد سمعت به الملكة مارى انطوانيت، فاستدعته لجناحها الخاص فى فرساى لتستمع إلى عزفه، الأمر الذى أثار غيرة رجال الحاشية ممن لا يقدرون أدبه ويعرفون انه ابن ساعاتى ولم يكن ينكر مهنة والده، وبعد أن عزف للملكة وانسحبت من المكان تقدم إليه أحد رجال الحاشية من النبلاء أراد أن يسبب له حرجا ويوجه له إهانة، فقدم له ساعة ذهبية قال له إنها عطلانة وطلب منه إصلاحها، فتناولها بومارشيه ونظر فيها وتطلع إلى الألماس التى بها ثم ألقى بها على الأرض فتحطمت فقال له النبيل : أنت إنسان أخرق وأحمق، فرد عليه بومارشيه بهدوء وابتسامة على وجهه: فعلا أنا أخرق ولذلك فقد امتنع والدى عن أن يعلمنى مهنته.