تمر خلال الشهر الحالى ذكرى رحيل السلطان أحمد بن طولون، إذ رحل فى 10 من شهر مايو 884 ميلادية، بعدما أسس فى مصر دولة كان يطلق عليها الدولة الطولونية، وهو أمير مصر ومؤسس الدولة الطولونية فى مصر والشام من الفترة (254 هـ/868 - 270 هـ/884)، وكان والى الدولة العباسية على مصر، ثم استقل بمصر عن الخلافة العباسية، فكان أول من يستقل بمصر، كما استطاع القضاء على الحركات المعارضة له، وتمدد باتجاه الشام بعد أن كلفه الخليفة بإخماد الثورات هناك.
أسس ابن طولون دولة قوية فى مصر، وكان له الاستقلال بإدارة شئونها رغم تبعيتها اسميا للدولة العباسية، مكافأة على تصدى للثورات المعارضة للخلافة العباسى، لكن يبدو أن "ابن طولون" نفسه واجه هو الآخر ثورات ومؤامرات لكن الأغرب إن تلك الثورات جاءت من أحد أبنائه.
وذكر فى كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير، عصيان العباس بن أحمد بن طولون على أبيه، وسبب ذلك أن أباه كان قد خرج إلى الشام واستخلف ابنه العباس كما ذكرناه، فما أبعد عن مصر حسن للعباس جماعة كانوا عنده أخذ الأموال والانشراح إلى برقة ففعل ذلك وأتى برقة فى ربيع الأول.
وبلغ الخبر أباه فعاد إلى مصر وأرسل إلى ابنه ولاطفه واستعطفه فلم يرجع إليه، وخاف من معه فأشاروا عليه بقصد أفريقية فسار إليها وكاتب وجوه البربر فأتاه بعضهم وامتنع بعضهم، وكتب إلى إبراهيم بن الأغلب يقول إن أمير المؤمنين قد قلدنى أمر أفريقية وأعمالها ورحل حتى أتى حصن لبدة ففتحه أهله له فعاملهم أسواء معاملة ونهبهم فمضى أهل الحصن إلى إلياس بن منصور النفوسى رئيس الأباضية هناك فاستعانوا به فغضب لذلك وسار إلى العباس ليقاتله.
وكان إبراهيم بن الأغلب قد أرسل إلى عامل طرابلس جيشا وأمره بقتال العباس فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا قاتل العباس فيه بيده، فلما كان الغد وافاهم إلياس بن منصور الأباضى فى اثنتى عشر ألفا من الأباضية فاجتمع هو وعامل طرابلس على قتال العباس فقتل من أصحابه خلق كثير وانهزم أقبح هزيمة وكاد يؤسر فخلصه مولى له ونهبوا سواده وأكثر ما حمله.
لما توفى أبوه سنة 270هـ، اجتمع الجند على توليته مكانه، فولى مصر والشام وهو ابن عشرين سنة، وأنشأ بستاناً وقصراً من أعجب المباني، وكانت ولايته فى أيام المعتمد على الله، وعندما تولى إمرة مصر أمر بقتل أخيه العباس الذى كان فى حبس أبيه أحمد بن طولون؛ لامتناع العباس من مبايعته.