صدر حديثًا عن دار النخبة كتاب "نقد العقل العربى" للمفكر العالمى د. طارق حجى وذلك ضمن مشروع نشر الأعمال الكاملة، وفى هذا الكتاب يتناول المؤلف طرق وأساليب التفكير المعاصر والتى تعتمد على مفاهيم ثقافية خاطئة.
يقول الدكتور طارق حجى فى مقدمة الكتاب: "المفاهيم الثقافية الخاطئة" ويقول فيها إن ضحالة الثقافة وفقرها فى واقعنا، هما اللذان أديا بنا أو بأعدادٍ كبيرة منا للتشبع بهذه الأفكار والمفاهيم الثقافية الخاطئة، ورغم أننى قلت: إن النقد الذاتى الذى يحتويه هذا الكتاب، إنما هو موجه لأساليب تفكيرنا المعاصرة فى مصر، إلاَّ أن ذلك ينطبق على أساليب التفكير العربى المعاصرة بشكلٍ شبه كامل؛ نظرًا لاشتراك مصر والعالم العربى فى جوٍ ثقافى قد لا يكون مماثلًا تمامًا، إلا أنه بالقطع شديد التشابه والاتسام بملامح، ومعالم وحقائق متقاربة، ومن هنا فقد عنونت الكتاب "نقد العقل العربي"، وليس طنقد العقل المصرى".
وأنا لا أزعم أننى أحطت بكل المفاهيم الثقافية أو أنماط التفكير الخاطئة، التى شاعت وذاعت فى واقعنا المصرى والعربى المعاصر، وإنما أزعم أننى انتقيت بعضًا منها وسلطت عليها الضوء.
ومن الضرورى أن أذكر هُنا أننى ما شرعت فى كتابة فصول هذا الكتاب الصغير، إلا وأنا موقن سيثير الكثير من ردود الفعل العاطفية، وهو دليل قاطع على صحة الكثير مما يضمه هذا الكتاب من نقد.
لكنى كنت ولا أزال على ثقة، أن روح الإخلاص العميقة القابعة فى وجدان كل عبارة من عبارات هذا الكتاب، تتضح بأن دافع وروح وغاية هذا العمل، هو الأمل العميق فى مستقبل هذا الوطن، أكثر إشراقًا وازدهارًا من حاضرها.
لمحات من "نقد العقل العربي" ومع تطور الحياة المدنية نما الشعور بأن لوم الآخرين لمجرد كونهم مختلفين، هو موقف غير إنساني، وقد يبلغ حدًا أن يكون همجيًا.ومما لا شك فيه، أن الحضارة الإسلامية كانت أفضل من الحضارات القديمة الأخرى، فى اتسامها بدرجة تسامح عالية مع الآخرين، والدليل القاطع الذى نشير إليه دائمًا هو الفارق بين المسلمين والمسيحين خلال العصور الوسطى، فبينما عاش المسيحيون واليهود حياة طيبة فى ظل الدولة الإسلامية، من العباسية حتى العثمانية، فإن المسلمين قد تعرضوا فى إسبانيا بعد خروج العرب لاضطهاد وتعذيب بربرى فظٍ، أما اليهود فقد عاشوا فى حارات اليهود، وكأنهم أمراض خبيثة، يخشى المجتمع على نفسه.