صدر حديثا عن المركز الثقافى العربى الترجمة العربية لكتاب "سنواتى مع دوستويفسكى" مذكرات أبوليناريا سوسلوفا عشيقة عملاق الأدب الروسى الشهير، من ترجمة: الجيلالى مويرى.
ويأتى فى مقدمة الكتاب: كانت حبيبته وملهمته و"صديقته الخالدة"، شكان لها تأثير كبير على أعماله الأدبية، وقد استوحى منها معظم بطلاته، ورغم أنها رفضت الزواج منه، كان تأثيرها على حياته أكبر من تأثير زوجتيه، إنها أبوليناريا سوسلوفا، الطالبة الثائرة التى حلمت أن تصبح كاتبة.
"أحَبَّها إلى الآن، أحَبَّها كثيراً، وتمنى لو أنه لم يحبّها" إنه فيودور دوستويفسكى العظيم، عملاق الأدب الروسى وخبير النفس البشرية، التى اعترف له فرويد ونيتشه بمعرفته العميقة لخباياها.
وبالرغم من فارق السن بينهما، عاشا قصة حب قوية، غامضة ومضطربة، حيّرت الدارسين بأسرارها، قصة تكشف لنا هذه اليوميّات شذرات منها، وتقدِّم لنا شهادة عن حياة المثقفين الروس فى المهجر فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر.
ولعل أمتع ما فى هذه اليوميات أنها تجعل من دوستويفسكى نفسه شخصية دوستويفسكية، يقف أمامنا بكل ازدواجيته وتناقضاته: بنبله ووضاعته، بعبقريته وعيوبه، بغنى أدبه وافتقاره إلى المال إلى درجة "يستحيل أن تنزل به إلى حضيض أسوأ من هذا الحضيض"، فهو عاش حياة زاخرة، عملاً بالنصيحة التى قدّمها لصديقته فى آخر هذا الكتاب: "لا تعتزلى الناس، وانفتحى على الطبيعة، انفتحى ولو قليلاً على العالم الخارجى وعلى كل الأشياء. إن الحياة الخارجية، الحياة الحقيقية، تطوِّر طبعنا الإنسانى كثيراً، وتمدّنا بالأدوات التى تساعدنا فى الحياة".