دخلت السنة السادسة عشرة للهجرة وكان الصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص يواصل جهاده ضد الإمبراطورية الفارسية، ذلك الجهاد الذى بدأ منذ السنة الرابعة عشرة، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة ست عشرة"
استُهلت هذه السنة، وسعد بن أبى وقاص منازل مدينة نهرشير، وهى إحدى مدينتى كسرى مما يلى دجلة من الغرب، وكان قدوم سعد إليها فى ذى الحجة من سنة خمس عشرة، واستهلت هذه السنة وهو نازل عندها.
وقد بعث السرايا والخيول فى كل وجه فلم يجدوا واحدا من الجند بل جمعوا من الفلاحين مائة ألف، فحبسوا حتى كتب إلى عمر ما يفعل بهم.
فكتب إليه عمر: إن من كان من الفلاحين لم يعن عليكم وهو مقيم ببلده فهو أمانه، ومن هرب فأدركتموه فشأنكم به.
فأطلقهم سعد بعد ما دعاهم إلى الإسلام، فأبوا إلا الجزية.
ولم يبقى من غربى دجلة إلا أرض العرب أحد من الفلاحين إلا تحت الجزية والخراج.
وامتنعت نهرشير من سعد أشد الامتناع، وقد بعث إليهم سعد سلمان الفارسى فدعاهم إلى الله عز وجل، أو الجزية، أو المقاتلة، فأبوا إلا المقاتلة والعصيان، ونصبوا المجانيق.
وأمر سعد بعمل المجانيق فعملت عشرون منجنيقا ونصبت على نهرشير، واشتد الحصار، وكان أهل نهرشير يخرجون فيقاتلون قتالا شديدا ويحلفون أن لا يفروا أبدا، فأكذبهم الله وهزمهم زهرة بن حوية بعد ما أصابه سهم، وقتل بعد مصابه كثيرا من الفرس، وفروا بين يديه، ولجأوا إلى بلدهم، فكانوا يحاصرون فيه أشد الحصار، ولما دخل المسلمون نهرشير لاح لهم القصر الأبيض من المدائن، وهو قصر الملك الذى ذكره رسول الله ﷺ أنه سيفتحه الله على أمته، وذلك قريب الصباح، فكان أول من رآه من المسلمين ضرار بن الخطاب فقال: الله أكبر، أبيض كسرى، هذا ما وعدنا الله ورسوله.
ونظر الناس إليه، فتتابعوا التكبير إلى الصبح.