ننشر مقالة للشاعر والناقد شعبان يوسف يتحدث فيها عن المثقف العربى وكيف كان له دور كبير فى صناعة الأمل فى مجتمعه، وكف أن ساعد بصورة أو بأخرى فى الحلم للوطن.
إدوار سعيد وتحية كاريوكا:
فى 11 سبتمبر 1990، فاجأ المفكر الكبير الفلسطينى الأصل إدوارد سعيد بمقال بديع عن الفنانة والراقصة تحية كاريوكا، وكان عنوان المقال "تحية إلى تحية"، واعتبر قرّاء إدوارد سعيد وجميع المتابعين له من باحثين وكتّاب، أن هذا المقال خروج حميد عن السياق الفكرى المركب، والذى يخاطب جمهورا نوعيا، وربما يكون محدودا، لأن الكاتب عندما يكتب عن شخصية شعبية ومرموقة ونجمة فى مجال الرقص، لا بد أنه سيناقش مسائل جوهرية عند تلك الفنانة، تلك المسائل التى دفعته ليكتب عنها منبهرا، ولذلك استدعى سعيد فى مقاله هذا بعض ذكرياته التى عاشها عام 1950، وكانت كاريوكا ملء السمع والبصر، ونجمة أفلام ذات شهرة واسعة، ولذا كانت إحدى النماذج الملهمة للمصريين، والتى غيّرت فكرة جموع الناس عن الرقص والراقصات كما يذكر سعيد، فالراقصة التى كان الأمراء يعتبرونها "محظية" فى القرن التاسع عشر، جعلتها تحية كاريوكا نجمة الجماهير، وهذه هى النقطة التى أكدها إدوارد سعيد، واستفاض فيها، واعتبرها مسألة مهمة فى تاريخ فن الرقص الشرقى عموما، وهذا التحليل أضاف كثيرا إلى الوعى الجماهيرى المنبهر بالفنانة التى نالت شهرة وتقدير غير عاديين، وما كان خروج إدوارد سعيد عن سياقاته الفكرية المعتادة، إلا مشاركة وجدانية وثقافية لرمز فنى مختلف، رمز ونموذج يعلى من شأن الشرق العربى فى أنحاء العالم، وهذا ما استدعاه المقال باستفاضة تليق بتحية وإدوارد سعيد.
ولم تكن مشاركة إدوارد سعيد لقضايا الحياة العامة والواقعية جديدة، ترفا لافائدة منه، بل كانت استكمالا لسلسلة ذهبية من الكتّاب والأدباء والمفكرين المصريين والعرب، ومقدمة لآخرين شاركوا بأقلامهم وبجهودهم المتنوعة فى الهموم والقضايا السياسية والاجتماعية العامة، ولا يتسع المجال لذكرهم هنا بالتفصيل، لأن هذا يحتاج إلى مجلدات، لذا سنشير إلى تلك الجهود بشكل مكثف، منذ كتابات قديمة، حتى العصر الحديث.
سلسلة ذهبية من المفكرين:
كان أحمد لطفى السيد يدير تحرير جريدة "الجريدة"، والتى أسسها عام 1907، وكان مهموما بنشر فكرة "مصر للمصريين"، وذلك فى مواجهة التيار الجارف للانتصار للخلافة العثمانية، والتى كان يقودها الزعيم مصطفى كامل فى مواجهة الاحتلال الإنجليزى، وكانت جريدته "اللواء" تكرّس لذلك الانتصار، بينما كانت مجلة "المقتطف" التى تصدر من مصر، ويرأس تحريرها الدكتور والأديب اللبنانى يعقوب صروف تنشر موضوعات علمية موسعة، واستطاع محررو المجلة أن يتابعوا كافة الأحداث التى تتعلق بالأوبئة، فنقرأ مثلا فى عدد أبريل عام 1911 بحثا مطولا عن وباء الطاعون، وجاء فى مستهله، حسبما ورد فى مجلة المقتطف، عدد أبريل 1911 "قلما يمضى ولا يموت واحد أو أكثر بالطاعون فى هذا القطر، وقد مرّت سنوات كثيرة والحال على هذا المنوال، لا تزيد الوفيات حتى يقال إن الوباء انتشر فى القطر ولا تنقطع، حتى يقال أنه زال منه تماما، ولا نعلم أن أحدا بحث بحثا علميا مدققا عن سبب بقاء الطاعون فى أماكن مختلفة من القطر المصرى وعدم انتشاره فيه واتخاذه الصفة الوبائية العادية.."، ويسترسل البحث فى فحص الظاهرة وتطورها وأشكال مقاومتها ومحاولة المواجهة المكثفة فى مصر وجميع أنحاء البلاد التى ظهر فيها الوباء، وجدير بالذكر أن المجلة كانت تنشر مع كل البحوث صورا إيضاحية للبحث أو المقال المكتوب، وهذه كانت خدمة مبكرة فى عالم الصحافة.
وجدير بالذكر أن صحفا ومجلات كثيرة كانت تصدر فى ذلك الوقت لمعالجة قضايا ثقافية وسياسية واجتماعية كثيرة، مثل مجلات الهلال لصاحبها اللبنانى جورجى زيدان، والجامعة لفرح أنطون، وعندما قامت ثورة 1919، تفتحت العقلية البحثية بشكل لافت، فكان العقد الثالث من القرن العشرين حاضنا لأفكار ثورية كثيرة، ولكتب صار لها شأن عظيم فى الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية، أبرزها كتاب "الإسلام وأصول الحكم" عام 1925، وناقش هذا الكتاب الموضوع الذى كان مثار جدل كبير للباحثين والمثقفين والمشايخ والعامة فى الوقت ذاته، وهو "الخلافة الإسلامية"، وعند صدور الكتاب، قلّب الدنيا رأسا على عقب كما يقولون، وانشغل به الناس أكثر من أى كتاب سابق، أو قضية أخرى، فالأمر لا يخص فئة أو طبقة معينة، ولكنه يخصّ الجميع، وبالذات العرش الملكى آنذاك، وحرم الملك فؤاد من حلم الخلافة، ورغم أن الكاتب ذاته أضير بفصله من وظيفته، إلا أن الفكرة انتصرت، وراحت الأجيال تتناقلها جيلا بعد جيل.
وعندما نشأت جماعة "الإخوان المسلمين" عام 1928 فى مصر، كامتداد فكرى لتوجهات الشيخ اللبنانى محمد رشيد رضا، وبدأت الجماعة تفرض ظلها على الحياة المصرية والعربية، وتنشئ لها أركانا وفروعا وكتلا فى كل بلد عربى، تحوّل كثير من الأدباء والمفكرين لطرح أفكار فى مواجهة ذلك التوجه الجديد للجماعة، والذى انتشر بصورة مريبة، فوجدنا الدكتور محمد حسين هيكل يكتب مجلدات موسعة عن النبى محمد، والفاروق عمر، والخليفة عثمان، وفى منزل الوحى، ويكتب العقاد عبقريات محمد وعمر وخالد وعلى بن أبى طالب، وكذلك الدكتور طه حسين يكتب "الشيخان" عمر وأبى بكر، وعلى هامش السيرة، وكل هذه الكتب كانت تقدّم الفكر الإسلامى فى عظمته وعدله واعتداله، بعيدا عن تلك الأفكار المسمومة والمشوهة، والتى كانت تؤدى أغراضا سياسية متطرفة، لخلق مجتمع متطرف وعنيف، ولا ينكر أحد أن كتب العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل شغلت الناس زمنا طويلا، وتصدّت لتلك الأفكار الدخيلة على المجتمع المصرى.
ولا ننسى أن كثيرا من الكتّاب فى مصر والعالم العربى انتصروا للنزعات الثورية التى راحت تقاوم الاستعمار فى كافة أشكاله الواقعية فى العالم العربى، الاستعمار الاستيطانى فى المغرب العربى، وسنجد كاتبين على درجة كبيرة من اليقظة فى الجزائر، وهما كاتب ياسين ومولود فرعون، وهذا الأخير شارك بنفسه فى القتال وحمل السلاح، وكتب كتابا مهما عن يومياته فى الحرب الضروس التى كانت تشنّها المقاومة الجزائرية للاحتلال الاستيطانى الفرنسى، وهناك جيل آخر شارك بقسط وافر من حياته فى تلك الحرب، وانعكست على كتاباته الأدبية بشكل بارز، وعلى رأسهم الكاتبان الطاهر وطار ورشيد بوجدرة، ولن تنمحى كتابة كل منهما بعد زوال الظرف السياسى، ولكن تظل كتاباتهما نبراسا للشعوب العربية فى كل زمان، لأن تلك الكتابة استطاعت أن تخرج من الحيز الجغرافى الضيق، والظرف التاريخى الخاص، إلى البراح الانسانى الواسع، لذلك يستطيع القارئ فى كل مكان وكل زمان، أن يتلقى ويستوعب تلك الكتابات بكل يسر واستمتاع واستفادة.
طه حسين وثورة يوليو:
كذلك عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، كتب كثيرون فى الانتصار للثورة، ومناقشة برنامجها وتطورها ومستقبلها وإمكانية نجاح مقاصدها، كما كتبوا تقويم خطاها التى راحت تتعثر فى بعض الأحيان، ومنهم من دفع الثمن عندما احتج وتمرد وناقش بوضوح، وعلى رأس هؤلاء الكاتب والأديب إحسان عبد القدوس الذى كتب عن الجماعة السرية التى تحكم البلاد، فقبض عليه وأودع فى السجن لفترة، حتى الشاعر الغنائى مأمون الشناوى كان يكتب فى مجلة التحرير، ولكنه منع بعدها بقليل، لأنه خاض فيما لا شأن له به، وذلك من وجهة نظر القيادات، وعندما حدثت تساؤلات بين الناس عن توصيف ما يحدث: هل هو ثورة أم حركة أم انقلاب؟، نجد أن واحدا من القادة التاريخيين فى الثقافة المصرية والعربية، وهو عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، يكتب مقالا واضحا فى مجلة التحرير، وبتاريخ 1 ديسمبر 1952، وكان عنوان المقال "روح الثورة" حسبما ذكرت مجلة التحرير، العدد السادس، ديسمبر 1952، ويبدأ الدكتور طه حسين مقاله بتساؤل: لماذا يظهر رئيس الوزراء كرهه لكلمة الثورة؟، وإيثاره كلمة النهضة، واستطرد طه حسين فى شرح الفرق بين المفردتين فى عبارات رشيقة، دون استفاضات لغوية كما تعودنا، وانتهى إلى أن مايحدث الآن -1952 - ثورة بكل المعانى، ومن هنا وضع العميد حجة قوية للناس أجمعين وبكافة قطاعاتهم أمام حقائق صارت تعمل بقوة حتى استقرت الكلمة، وشاع تداولها، لتصير إحدى المسلمات التى لا تقبل الشك أو الالتباس.
الأدباء والعدوان الثلاثى وجميلة بوحيرد:
هكذا يكون دور الكتّاب والأدباء والمفكرين فى توجيه نظر الناس وتفكيرهم نحو الصحيح والأدق والأشمل، فعندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى، وشعر الوطن العربى كله بخطر ما يداهم البلاد، كتب أدباء عرب كثيرون رسائل وقصصا وشعرا لمناصرة الشعب المصرى والدولة المصرية، وكتب الشاعر اللبنانى سعيد عقل كلمة حماسية تحت عنوان "عبد الناصر إن أراد"، قال فيها: "هذه الكلمة تطمح إلى عمل شىء لمصر، شىء! أى بادرة مجدية، ولمصر! أى للبلد الذى تربطنا به أربعة: شدّ أزر جاءنا منه يوم نحن فى معركة استقلالنا الحديث، ووحدة هدف هو تدمير إسرائيل، ومحبة عريقة فينا تجعلنا لا نمرّ مكتوفى الأيدى بثلاثة وعشرين مليونا من أخواننا فى الإنسانية وقعوا فريسة الظلم الاجتماعى العالمى جسما وعقلا، وإعجاب - وإرادة خير- ببطل عزيز علينا يحاول المستحيل لخلق أمة.." ويستطرد سعيد عقل الذى اتهمه كثيرون بتعصبه،حسبما ورد فى كتاب "سعيد عقل، فى المعركة مع مصر، دار الفارابى، مجموعة كتاب، بينما هو يتفجّر عروبة وحبا لها، وينبه أبناء شعبه اللبنانى والعربى بخطورة ما يحدث، فينبرى لكتابة تلك الكلمات التى تعمل على مؤازرة الفكرة العربية ممثلة فى جمال عبد الناصر.
وتمرّ الأمة العربية بسلسلة أحداث تشغل الشارع العربى بأجمعه، ومن بين تلك الأحداث، اعتقال المجاهدة الجزائرية من قبل الاحتلال الاستيطانى الفرنسى فى الجزائر، ولم يكن خبر اعتقال والحكم بالإعدام على جميلة خبرا عابرا، ولكنه شغل الدنيا وملأ الناس، وأصبح بالفعل شأنا شعبيا على المستوى العربى، وخرج هذا الشأن من غرف المداولات للساسة الكبار، وتبنته الشعوب العربية قلبا وقالبا، وهنا انبرى الشعراء والمسرحيون والروائيون لتفعيل بند المطالبة بالإفراج عن جميلة، بعدما عمّت التظاهرات شوارع العالم العربى، وكتب الشاعر السورى نزار قبانى:
(الاسم جميلة بوحيرد
رقم الزنزانة تسعون
فى السجن الحربى بوهران
والعمر اثنان وعشرونا
عينان كقنديلى معبد
والشعر العربى الأسود
كالصيف..كشلّال الأحزان
ابريق للماء .. وسجّان
ويد تنضم على القرآن
وامرأة فى ضوء الصبح
تسترجع فى مثل البوح
آيات محزنة الإرنان
فى سورة "مريم" و"الفتح").
وحققت القصيدة رواجا كبيرا فى العالم العربى، وتناقلتها الصحف والمجلات والإذاعات، لتصبح وثيقة دفاع عن المجاهدة الكبيرة التى صارت رمزا للنضال والعروبة ومقاومة الاستعمار الاستيطانى البغيض، كذلك كتب للدفاع عن جميلة المصرى نجيب سرور والأردنى عيسى الناعورى والعراقى شفيق الكمالى، وغيرهم، وهكذا استجاب وانتفض الشعراء العرب والأدباء للمشاركة فى تلك الكارثة العربية التى صارت همّا عربيا لا مفرّ من مواجهته.
ولا شك أن الأدباء والشعراء والمفكرين ساهموا فى كافة القضايا السياسية التى كانت تمرّ بها الأمة العربية، مثل كارثة 1967 التى ضربت مصر وسوريا والأردن، ثم انتصار 1973، ذلك الانتصار العربى الذى شاركت فيه قوات من جيوش عربية كبيرة، وكتب جمال الغيطانى كتابا مهما حول أحد تلك الجيوش، ليرصد عقيدة المقاتل العربى، وكان عنوان الكتاب "حراس البوابة الشرقية"، إلى الحرب الأهلية اللبنانية، واقتحام اسرائيل للجنوب اللبنانى فى أغسطس عام 1982، وهكذا، لكن بعيدا عن المسائل السياسية التى تتعلق بالانتصارات والهزائم، سنلاحظ أن الأدباء العرب لم يتركوا همّا اجتماعيا أو فنيا إلا وشاركوا فى مناقشته، ونجد فى هذا الشأن كاتبة شجاعة ومثقفة وتكتب دون أن تخشى لومة لائم، فهى تنتصر للقيمة العامة، دون حسابات شخصية، فتمطرنا الكاتبة السورية غادة السمان التى تعبّر عن انحيازها الكامل والعادل للفكرة الصحيحة، حتى لو اختلفت مع الخطاب السائد فى أفكاره، وكانت تكتب مقالاتها فى منصات ومنابر سريعة الانتشار، وبالتالى تجد قبولا لدى قرائها الذين ينتظرون كتابتها، وتعبّر هذه الكتابة عن هواجس مقموعة لدى هؤلاء القراء، ففى كتابها "كتابات غير ملتزمة"، تفسح صفحات كثيرة عن المرأة كما تراها هى، وليست كما يريد لها آخرون، فنجدها تشيد بهذه، وتنتقد تلك، وتهاجم ثالثة، دون اعتبارات خاصة، ولكنها تكتب لجمهور يريد أن يعرف ويتعلم، وعندما رحل الكاتب الفلسطينى غسان كنفانى مغتالا على أيدى اسرائيليين، أفزع هذا الرحيل قطاعات واسعة من القرّاء العرب، ونجد أنها تشارك هذا الجمهور الواسع أحزانه، فتكتب سلسلة مقالات عن ذلك الأديب الكبير: "..رجال فى الشمس، ماتبقى لكم، أم سعد، عائد إلى حيفا، العاشق، الأعمى والأطرش، برقوق النسيان...روايات لغسان كنفانى، بعضها نشر وقرأناه، وبعضها ينشر للمرة الأولى بعد أن حال الموت بين غسان ومخطوطاته.. فلم يتمها ونشرت ناقصة".
وتقريبا خاض غالبية الكتاب والأدباء معارك فكرية وثقافية ذات حضور قوى بين الناس، ومن هؤلاء الدكتور يوسف إدريس المشاكس الأعلى الذى كتب فى كافة المجالات، ولذا يصعب اختيار قضية بعينها من تلك الكتابات، ولكنه كان يتخذ دوما طريقة الصدمة، ويكتب دائما لحساب الناس، بعيدا عن أى هواجس شخصية، ففى مقال صادم له عنوانه "الهلس السينمائى" يقول: "العائد إلى القاهرة بعد غيبة ولو قصيرة، لا بد أن يفاجأ بشىء لا يمكن أن تراه فى أى عاصمة فى العالم، المشهد هو هذا الكم الكبير من الإعلانات من المسرحيات والأفلام والمطربين والمطربات والراقصات وأماكن وكازينوهات اللهو، فى الخارج تجد الإعلانات أيضا عن الأفلام والمسرحيات، ولكنها جزء ضئيل جدا من إعلانات عن الشركات والمؤسسات الكبرى والبضائع التى تنتجها تلك الدولة.."، ويستكمل يوسف إدريس اندهاشاته المشروعة حول تلك الإعلانات التى قتلت روح المتعة عند الناس، وأصبحت بالفعل مسألة الإعلانات هذه آفة تأكل الروح بشكل كبير وغير إنسانى، ويبدو أن يوسف إدريس أدرك تلك الآفة مبكرا، فتناولها بالنقد والهجوم والتقريع.
صناعة الأمل:
ولا يسعنا فى هذا المجال إلا أن نذكر بعض أسماء الأدباء الكبار الذين شاركوا فى قضايا حيوية واسعة وعميقة، من هؤلاء الكاتب العربى عبد الرحمن منيف الذى تحدث كثيرا عن الديمقراطية الواجب توافرها فى العالم العربى، وكتبت الأديبة الدكتورة نوال السعداوى مرارا وتكرارا عن قضايا فى كافة المجالات، وخصوصا المجال النسوى، فتحدثت عن قضايا الختان، وضرورة تجرينه فى المجتمع العربى، وكتبت عن الاستقلال الاقتصادى للمرأة، وبدونه تكون المرأة عالة وعبئا ثقيلا على المجتمع، عالة يحاول الجميع التخلص منها، أو رجمها، أو إخفائها باعتبارها عورة يجب سترها، وهاهم الآن يواصلون إبداعاتهم ومشاركاتهم فيما يحدث فى أرض فلسطين، يشاركون بالقصيدة والمقال والقصة والتويتات، وهذا أضعف الإيمان، ويعملون على رفع أصواتهم فى مواجهة الجحيم بكل الطرق والوسائل المتاحة، والوسائل التى يعملون على إبداعها، يحدث ذلك فى ظل وباء شرس، وظروف تاريخية معقدة، يبثّون فى الناس الأمل، رغم كل مايحدث، ورغم كل ماينهار، ولكن الإرادة مازالت تعمل، ومازالت كل أشكال الدعم تنبثق من كل مكان فى العالم، وليس الوطن العربى فقط، حتى يعود الحق لأصحابه، أو حتى يعود بعضه، الأدباء والمفكرون هم رصيد الأمل، وذخيرة التفاؤل، ولاغنى عن وجودهم فت تلك المعارك المصيرية.
والمجال أوسع بكثير مما تتسع له تلك السطور السابقة.