نواصل معا إلقاء الضوء على كتاب "الصراع العربى الإسرائيلى.. مائة سؤال وجواب" تأليف بيدرو برييجر، الذى صدر باللغة الإسبانية وهو أول عمل أكاديمى فى جمهورية الأرجنتين يتناول القضية الفلسطينية، ويكشف الكتاب بوضوح أكاذيب الحركة الصهيونية، بخاصة مقولتها الشهيرة "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".
ومؤلف الكتاب صحفى وأستاذ جامعى لمادة علم الاجتماع، فى جامعة بوينس أيريس الحكومية بالأرجنتين، ومحلّل فى السياسة الدولية.
ويقول الكتاب تحت عنوان "ما معنى عبارة شعب بدون أرض لأرض بدون شعب؟" تمثلت إحدى المشاكل الأساسية عند الحركة اليهودية فى اختيار مكان تقطنه أقلية يهودية نتيجة لتأثر مؤسسيها بالأفكار الأوروبية، التى كانت تأمل أن ينعكس التوسع الاستعمارى إيجابا على كوكب الأرض، وكانوا يعتقدون أن سكان الشرق الأوسط سيستقبلونهم بحفاوة بوصفهم يحملون رسالة الحضارة والتقدم، وكانت أوروبا تعتبر نفسها مركز إشعاع للعالم وأن التقدم فى أية منطقة مرادف للنمو الذى يجلبه الأوربيون، وأن أغلبية المفكرين الاشتراكيين كانوا يؤيدون هذا الرأى.
وكتب ماركس مرة يقو ل "كان من الأفضل أن تكون الهند واقعة تحت سيطرة البريطانيين قبل الفرس أو الأتراك أو الروس وأن المجتمع الهندى يفتقر كليا إلى التاريخ المكتوب"، وكأن تاريخ هذه الشعوب ليس معنى إذا لم يكن على تواصل مع العالم الأوروبى.
إن اصطلاح "شعب بدون أرض لأرض بلا شعب" هو استمرار لهذا التكفير الذى يعد سكان بلد ما غير مؤهلين لتحقيق أى شكل من أشكال التقدم، وهكذا يبلغ الازدراء تجاههم إلى درجة تجاهلهم وحرمانهم من الحقوق كافة، وقد أصاب فرانز فانون المفكر الفرنسى المناهض للاستعمار فى عرض هذا التفكير فى كتابه "البشرة السوداء والأقنعة البيضاء" الذى خصصه لمستعمرين السود عموما، استنادا إلى هذا المنطق فإن الشعب اليهودى الذى لم يكن له أرض سيقوم بتطوير هذه المنطقة التى كانت خالية من شعب منظم كأمة بالمعنى الأوروبى للاصطلاح.
ويقول الكتاب، قلة ضئيلة من زعماء العصابات الإسرائيلية كانوا يدركون أن الواقع فى فلسطين كان مغايرا للنظرية والأحلام، فى عام 1907 طرح "إيزاك ايبستن" المشكلات قائلا "ناقشنا القضايا كافة، لكن غاب عن أذهاننا الأمر التالى، يوجد فى الأرض شعب كامل ومتمسك بها من مئات السنين ولم يفكر قط بالتخلى عنها.
بغض النظر عمن نطق عبارة "شعب بدون أرض لأرض بدون شعب" للمرة الأولى، فقد تحولت هذه العبارة إلى إحدى الأساطير لدولة إسرائيل لإضفاء صبغة من الشرعية على استعمار فلسطين. وحين وصل اليهود وجدوا ما يقارب ألف بلدة وآلاف الهكتارات المزروعة والسكك الحديدية التى شيدها العثمانيون، هذا يعنى أنهم كانوا يعلمون بوجود شعب فى تلك الأرض، ولم يكن هناك سبيل لبناء دولة يهودية بدون الاصطدام مع السكان المحليين.