تمر اليوم الذكرى الـ845 على محاولة طائفة الحشاشين، اغتيال القائد صلاح الدين الأيوبى فى مدينة حلب بسوريا، وكان ذلك فى نفس الوقت الذى ثبتت فيه أركان حركة الحشاشين فى الشام بزعامة راشد الدين سنان بن سليمان، وهو ما أظهر الدين والتقوى وتمسكًا بالعقيدة الإسماعيلية، ما جعله يسمو شيئًا فشيئًا فى أعين رجال الحركة، وتحت قيادته ارتفع شأن حركة الحشاشين فى ربوع الشام، وأخذ نفوذه فى الارتفاع.
أراد الشيعة الباطنية (الحشاشون) قتل صلاح الدين الأيوبى، لأنه أسقط الخلافة الفاطمية، لذا تعاونوا مع الصليبيين للقضاء عليه، وكانت هناك عدة محاولات لذلك، فلماذا دبر الحشاشين للقضاء صلاح الدين، وهل تفاهم معاهم بعد ذلك؟
وقعت أول محاولة للحشاشين لاغتيال صلاح الدين فى ديسمبر 1174م بينما كان يحاصر حلب، حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب بأذى.
وحدثت المحاولة الأخرى فى 22 مايو 1176م عندما كان صلاح الدين يحاصر "عزز" حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزى جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته وتمكنوا من قتل العديد من الأمراء لكن صلاح الدين لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التى كان يرتيدها، وقد اتخذ صلاح الدين بعد هذه الأحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام فى برج خشبى أقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لأحد لايعرفه شخصيا بالاقتراب منه.
فى أغسطس 1176 تقدم صلاح الدين فى أراضى الحشاشين تحدوه الرغبة فى الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث أن فك الحصار وانصرف.
صمم صلاح الدين على أن يضع حداً لهذه الحركة التى وضح خطرها فى بلاد الشام، وجهز حملة عسكرية فى شهر محرم عام 572هـ/ عام 1176م، فحاصر حصونهم ونصب المجانيق الكبار عليها وأوسعهم قتلاً وأسراً وساق أبقارهم وخَّرب ديارهم، وهدم أعمارهم وهتك أستارهم حتى شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود تكشى صاحب حماة، وكانوا قد راسلوه فى ذلك لأنهم جيرانه، فرحل عنهم وقد انتقم منهم، ودمّر قوتهم.
اضطر الحشاشون إلى التفاهم مع صلاح الدين بعد فشل محاولاتهم المتكررة لاغتياله، وعدم قدرتهم على التصدى لقواته، لذلك فضَّلوا وقوفه على الحياد على أن يكون عدواً مباشراً لهم، لم تشر المصادر التاريخية بعد إبرام الصلح، إلى أى احتكاك بين الطرفين وانفرد ابن الأثير برواية تشير إلى تعاونهما.