أصبح تحور جائحة فيروس كورونا إلى وباء جديد باسم "الفطر الأسود" مسار تساؤلات جديدة عن مدى خطورة الإصابة بهذا المرض، وهل دخلنا إلى مرحلة الرعب التى لا يمكن السيطرة عليها، وهو ما يجعل البعض يربط بينه وبين وباء "الموت الأسود" أو الطاعون الذى ضرب العالم منذ آلاف السنين، وحصد أرواح ملايين البشر خلال حقبة العصور الوسطى، فما مدى تشابه الفطر الأسود مع طاعون الموت الأسود.
تشير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن داء الفطر الأسود نتيجة عفن موجود فى التربة والمواد العضوية المتحللة مثل الأوراق المتعفنة، ويصاب الناس بداء الفطريات الذى توجد منه عدة أنواع عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية التى يمكن أن تنتشر فى المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التى تحتوى على مياه قذرة.
وحسبما نشر موقع "فرنس 24" على لسان خبراء، فإنه يجب اكتشاف العدوى بشكل مبكر لأنها عدوانية، وكشط الأنسجة الميتة وإزالتها، وقد يُضطر الجراحون أحيانًا إلى إزالة أنف المرضى أو عيونهم أو حتى فكهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ.
وتعد هذه العدوى قاتلة إذ يموت أكثر من نصف من يصاب ويبلغ متوسط معدل الوفيات 54%، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، وبمجرد الإصابة، يكون المريض معرضًا للموت فى غضون أيام، ولكن المرض ليس معديًا.
وبعد الإصابة بفيروس كورونا وأمراض أخرى غيره، يمكن أن تحدث ظاهرة خطيرة تسمى "عاصفة السيتوكين" تحدث بسبب إفراط جهاز الجسم المناعى فى رد فعله لمحاربة الفيروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين، الأمر الذى يتسبب فى تلف الأعضاء، فى هذه الحالة، يلجأ الأطباء إلى وصف المنشطات، "ستيرويد"، لتقليل الاستجابة المناعية. لكن كلاهما يضعف دفاعات الجسم ويزيد من مستويات السكر، مما يؤدى إلى نمو الفطريات التى تتغذى عليه.
أما أعراض الإصابة بالموت الأسود فحسبما ذكر كتاب "عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور" تأليف سوزان سكوت وكريستوفر دنكان هو عبارة عن ظهور «تقرحات حارقة»، وتكونت البثور فى أجزاء مختلفة من الجسم: عند البعض على الأعضاء التناسلية، وعند آخرين على الأفخاذ أو الأذرع، وعند فريق ثالث على الرقبة.
فى البداية كانت هذه البثور فى حجم البندقة وكان المريض تستبد به نوبات رعشة عنيفة، سرعان ما تتركه فى حالة هزال شديد حتى إنه لم يكن يقوى على الوقوف، إنما كان يضطر إلى الاستلقاء فى الفراش، تنهشه حمى عنيفة ويرزح تحت وطْأَة الكرب الشديد الذى أصابه. بعد قليل تكبر البثور لتصير فى حجم ثمرة الجوز، ثم فى حجم بيضة الدجاجة أو بيضة الإوزة، وهى مؤلمة للغاية وتؤدى إلى تهيج الجسم؛ فيتقيأ دما من خلال إتلاف العصارات. كان الدم يرتفع من الرئة المصابة إلى الحلْق فيحدث تعفنا، وفى نهاية المطاف تأْثيرا تحليليا فى الجسم بأكمله، كان المرض يدوم ثلاثة أيام، وفى اليوم الرابع — على أقصى تقدير — يموت المريض.
وبسحب رواية عالم الإنسانيات الفلورنسى جيوفانى بوكاتشيو عندما اجتاح الطاعون فلورنسا: على عكس ما شوهد فى الشرق حيث النزف من الأنف نذير للموت، شهدنا نحن هنا أوراما فى منطقة أعلى الفخذ أو منطقة الإبْط، بعضها فى حجم التفاحة الصغيرة وبعضها فى حجم البيضة، بعدها تغطى بُقَع أُرْجُوَانِيَّة معظم أجزاء الجسم: فى بعض الحالات تكون كبيرةً وقليلةَ العدد، وفى حالات أخرى تكون صغيرةً وكثيرةَ العدد، وكان كلا النوعين نذيرين معتادين للموت.