جاءت السنة العشرون من هجرة سيدنا النبى محمد عليه الصلاة والسلام، ودخل المسلمون مصر، فما الذى كان من عهد بين أهلها وبين عمرو بن العاص قائد جيش المسلمين.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير "صفة فتح مصر عن ابن إسحاق":
لما استكمل عمر والمسلمون فتح الشام بعث عمرو بن العاص إلى مصر.
وقيل: إنه بعثه بعد فتح بيت المقدس، وأردفه بالزبير بن العوام وفى صحبته بشر بن أرطاة وخارجة بن حذافة، وعمير بن وهب الجمحى، فاجتمعا على باب مصر فلقيهم أبو مريم جاثليق مصر ومعه الأسقف أبو مريام فى أهل الثبات، بعثه المقوقس صاحب إسكندرية لمنع بلادهم، فلما تصافوا قال عمرو بن العاص: لا تعجلوا حتى نعذر، ليبرز إلىًّ بومريم وأبو مريام راهبا هذه البلاد، فبرزا إليه.
فقال لهما عمرو بن العاص: أنتما راهبا هذه البلاد فاسمعا إن الله بعث محمدا ﷺ بالحق، وأمره به وأمرنا به محمد ﷺ، وأدى إلينا كل الذى أمر به، ثم مضى وتركنا على الواضحة، وكان مما أمرنا به الأعذار إلى الناس، فنحن ندعوكم إلى الإسلام، فمن أجابنا إليه فمثلنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية، وبذلنا له المنعة، وقد أعلمنا أنا مفتتحوكم، وأوصانا بكم حفاظا لرحمنا منكم، وإن لكم إن أجبتمونا بذلك ذمة إلى ذمة.
ومما عهد إلينا أميرنا استوصوا بالقبطيين خيرا، فإن رسول الله ﷺ أوصانا بالقبطيين خيرا، لأن له رحما وذمة.
يقول الكتاب، إنه بعدما رفض الروم الصلح ودخلوا فى حرب كانت الغلبة للمسلمين، تصالح أهل مصر مع جيش العرب، وكان العهد بين الجانبين:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شىء من ذلك ولا ينتقص.
وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليهم ما حق لصونهم، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة.
وإن نقص نهرهم من غايته رفع عنهم بقدر ذلك.