تمر اليوم الذكرى الـ148 على رحيل رفاعة الطهطاوى، أحد قادة النهضة العلمية فى مصر ومنشئ مدرسة الألسن، إذ رحل فى 27 مايو عام 1873، ويعده البعض واحدا من رواد التنوير، إذ دعمت أفكاره أسس قيام الدولة المدنية الحديثة.
بدأ رفاعة الطهطاوى حياته دارساً للفقه والدين، فى حلقة إمامه وأستاذه الشيخ حسن العطار، الذى رشحه للسفر إماماً لـ40 مبتعثاً، أرسلهم حاكم مصر محمد على باشا، للدراسة فى فرنسا، ولم يكن عمره حينها قد تجاوز الـ21 عاماً، إلا أن الطهطاوى انبهر بالحياة الأوروبية، وتحول إلى دارس للفرنسية، ومن هنا انطلقت شرارة حلمه بنقل مفردات النهضة الحديثة فى أوروبا إلى القاهرة.
ولعل الكثير من النقاد والباحثين يعدونه واحدا من رواد التنوير ومؤسسى الدولة المدنية الحديثة فى مصر، فكيف ساهمت أفكاره فى ذلك؟
الحرية والمساواة
فى زمن الطهطاوى، كانت طريقة الحكم فى مصر، مختلفة كلياً عن الأجواء الصاخبة التى كانت تعيشها باريس فى أعقاب الثورة الفرنسية، وتزامنت إقامته فى فرنسا مع النقاشات الحامية فى شأن الحقوق والحريات والمساواة، وترك ذلك أثراً عميقاً، فى كتابات رفاعة واختياراته فى الترجمة، وقام فى كتابه (تخليص الإبريز فى تلخيص باريز) بترجمة الدستور الفرنسي، وأحداث الثورة الفرنسية، وقيمها الأساسية، كما وصف فى الكتاب ذاته الدستور الفرنسى بأنه عقد اجتماعى لم يعرفه المصريون فى تاريخهم".
الدستور
فى عهد "الطهطاوى" كانت المحاكم الشرعية منتشرة فى مصر، لكن الباحثين يقولون بأن معرفة المصريين بالدساتير والقوانين الحديثة من خلال كتابه (تلخيص الإبريز)، الذى اشتهر على أنه الوثيقة التى تضم المعايير الأساسية للحكم وتقوم على أساس فكرة المواطنة والمساواة وغيرها من المفاهيم الحديثة، وفى ذات الوقت قائمة على الحرية والإخاء والمساواة".
حرية المرأة
اتفق الكثير من النقاد والباحثين على ما قدمه رفاعة الطهطاوى من إسهامات فى مجالات الترجمة وتبنيه مشروعاً نهضوياً كبيراً، فإن موقفه من المرأة كان شديد الالتباس، خصوصاً مع انتشار وثيقة زواجه التى كتب فيها تعهداً على نفسه ألا يتزوج على زوجته، أو يتخذ دونها جارية أو رفيقة، وهى الوثيقة التى استند عليها مؤيدو موقف رفاعة التقدمى من المرأة وإقراره بحقوقها.
وبحسب تصريحات سابقة للدكتور جابر عصفور: "كان الطهطاوى متحرراً أكثر من الليبراليين، فما كتبه لزوجته فى وثيقة زواجهما لا يمكن ان يصدر إلا عن شخص متحرر"، وأوضح أن الطهطاوى كتب فى بعض كتبه أن "الخلط فى مشكلة النساء جاء من أننا خلطنا بين الزى الخارجى والأخلاق، فالمرأة تقاس بأخلاقها".
الحفاظ على الآثار المصرية
كانت للسيد رفاعة الطهطاوى، دور كبير فى الحفاظ على الآثار المصرية، فقد كان لمبادرته الشخصية بأن كل من وجد شيئا قديما أن يقدمه لمدرسة الألسن التى أسسها، صداها، فقد كانت هى النواة الحقيقية للمتحف، بل كانت النواة الحقيقية لصدور أول مرسوم فى مصر للحفاظ على الآثار المصرية.
ثقافة الطفل
لعب الطهطاوي دوراً أكثر تقدماً في مجال الصحافة، إذ أسس أول مجلة للأطفال في المشرق العربى، وهو الإصدار الذي يعد من أهم بعشرات المرات من الوقائع المصرية، ففيه كان الطهطاوى يؤلف الأناشيد التعليمية التي توزع على كل المدارس بشكل أسبوعى، واستعار قصص كليلة ودمنة، وبعض قصص التراث التي تم إرفاقها برسومات، واستغل هذه الحكايات في تقديم الجانب الأخلاقي".