نتحدث اليوم كثيرًا عن التطعيم والتطهير وذلك من أجل مواجهة فيروس كورونا، ولكن ماذا عن مواجهة الفيروسات والمكروبات منذ مائة عام؟
تقول مجلة المقتطف فى عدد مايو من سنة 1921 تحت عنوان "الصابون والمكروبات": مضى زمان كان الناس يحكمون فيه على عمل الطبيب ويقيسون مهارته بكراهة الأدوية التى كان يصفها لمرضاه، فكلما كانت رائحة الدواء الذى يصفه كريهة وطعمه يمجه الذوق ويفضى إلى الغثيان والتقيوء زاد احترامهم له وثقتهم بطريقة علاجه، ولا يزال الناس فى كل مكان حتى هذا الزمان يشعرون بثقة غريبة بالجواهر الطبية والعقاقير التى تؤثر تأثيرا ظاهرا فى شمهم وذوقهم.
ومن الحجج المعقولة التى يحتج الناس بها وإن لم تكن صادقة على إطلاقها أن ما تعافه حواسنا من الدواء تعافه المكروبات أيضا إن لم نقل إنه سم زعاف لها يؤدى إلى إهلاكها، فقد مرت مدة طويلة والحامض الكربوليك أفضل المطهرات فى عرف الناس مع أنه ليس كذلك، والسبب الذى حدا بهم على هذا المعتقد شدة رائحته، ثم لما زادت ثقتهم به واطمئنانهم لفعله فى التطهير صاروا يحسبون رائحته غير كريهة إن لم نقل طيبة، وصاروا يدخلونه فى كثير من أصناف الصابون لغسل الأيدى وتطهيرها بوجه خاص.
وكثرت الإعلانات عن هذه الأصناف حتى نسبوا إليها فوق التطهير القدرة على تطهير الجروح النافرة والدمامل، والقروح والنوامى والغريبة وبينها النوامى السرطانية وعلى منح الجسم مناعة من عدوى الأمراض إلى غير ذلك. فاطمأنت الجماهير إلى أصناف من الصابون هذه اطمئنانا لا مبرر له كما دلت مباحث قسم الهجين والبكتريا فى جامعة شيكاجو.
فقد أصدر هذا القسم تقريرا يتضمن نتائج تجارب جربت فيه بهذا الصدد ونشر فى جرنال الجمعية الطبية الأمريكية وهذه خلاصته "لا يمكن تعقيم الأيدى بطريقة الغسل العادية. فقد وجد أن صابون التواليت المعتاد أقدر على إزالة المكروبات وتطهير منها من الصابون الخاص.
وظهر أيضا أن كل صابون يستعمل لغسل الأيدى لا قيمة خاصة له فى التطهير وقتل المكروبات، وأن الصابون الذى يترك على الأيدى بعد غسلها لا يؤثر فى المكروبات أقل تأثير، وعليه لا يجوز وصف أصناف الصابون هذه بأنها قاتلة للمكروبات أو مطهرة للفساد.