القدس مدينة مكلومة حزينة، عانت طوال تاريخها، عاشت المر وعانت الأمرين، فالتاريخ يقف أمام مدينة السلام وأرض الأديان حزينا وكئيبا على حال تلك المدينة الحزينة.
وعلى مر التاريخ عانت المدينة من الاحتلال، وعاشت الأمرين، ففى مثل هذا اليوم قبل 922 عاما، وبالتحديد فى 7 يونيو 1099م، وصلت طلائع الصليبيين إلى مدينة القدس تمهيدًا لاحتلالها بعد أن استطاعت السيطرة على الجزء الأكبر من بلاد الشام، وفى اليوم نفسه قبل 54 عاما، أعلنت دولة الكيان الصهيونى إسرائيل، احتلال كامل القدس الشرقية، لتكون المدينة بأكملها تحت سيطرة دولة الاحتلال.
وما بين الصليبين واليهود، عاشت القدس مأسى حزينة، قتل أهلها وشرد سكانها، فكيف كان حالها فى وقت دخول الصليبين، وكيف رأت من الصهاينة بعد احتلالها، وهل تشابهت جيوش الاحتلال عند دخول المدينة؟
وبحسب دراسة بعنوان "القدس بين الاحتلال الصليبى والاحتلال الصهيونى" أعدتها الباحثة ميمونة عبد المعز حريز، للحصول على درجة دبلوم الدراسات الفلسطينية من أكاديمية دراسات اللاجئين للعام 2018/2019، فإن هناك عدة عوامل تشابه بين احتلال الصليبيين والإسرائيلين لمدينة القدس، الأول يتمثل فى الدور الغربى فى الغزوين، إذ أن فكرة الحروب الصليبية بدأت من أوروبا الشرقية عام 1095، من خلال مؤتمر كليومونت، وكذلك الغزو الصهيونى، بدأ الإعلان عن تنفيذ منذ المؤتمر الصهيونى الأول فى سويسرا عام 1897م.
ومن ضمن العوامل المشتركة هى أن الحروب الصليبية جاءت بمباركة بابوية وزعامة سياسية عسكرية، وكذلك الهجرات اليهودية جاءت بتأثير الحاخامت ووجهتها قيادات سياسية تدربت فى أوروبا.
كذلك سير الحملات متشابه، فالصليبيون ساروا على طول الساحل، والأسطول الإيطالى يعينهم فى احتلال موانئ فلسطين، وبعد أن احتلوا القدس توسعوا نحو الشرق باتجاه الأردن، الغزو الصهيونى هو الآخر بدأ بالساحل ثم الجزء الغربى حتى آيلة على خليج العقبة إلى نهر الأردن شرقا، ثم مددت إسرائيل سيطرتها لتشمل الضفة الغربية كاملة، والجولان، وسيناء قبل انسحابها على أثر هزيمتها على يد الجيش المصرى فى أكتوبر عام 1973.
الصليبيون حين دخلوا إلى المدينة عام 1099، ارتكبوا أشكال متعددة من القتل والتنكيل بالمسلمين فى كل مناطق التى سيطروا عليها، وبالمثل فعل الصهاينة بأبشع أشكال القتل والترهيب للمسلمين حين احتلوا فلسطين، مثلما فعلوا فى مجزرة دير ياسين قرب القدس.
الصليبيون عند دخول القدس اعتمدوا على بناء قلاع لهم على الجبال والمناطق المترتفعة لتطل على الطرق والأودية، وبعد مجئ الاحتلال الصهوينى عمدوا على الاستيلاء على هذه القلاع وبنوا مكانها مستعمرات مثل قلعة القرين التى اصبحت مستعمرة ايلون.
الدعم الغربى أيضا أحد أهم العوامل التى أدت إلى نجاح الغزوين الصليبى والهيودى، حيث دعمت أوروبا فى الماضى الحملات الصليبية عسكريا وماديا كلموا أحسوا بضعفهم وتفوق المسلمين عليهم، وكذلك تعهدت بريطانيا فى بداية الأمر ثم أمريكا فى دعم الكيان الصهيونى، ضمن استراتيجية سياسية واقتصادية تمنع العرب من التفوق عليهم عبر المهادنة ومفاوضات السلام أحيانا.