نشاهد، اليوم، صورة قديمة عن القاهرة ومقاهيها التى تعد جزءا أساسيا من تكوينها الاجتماعى، ولكن متى بدأ المصريون يعرفون جلسات المقاهى؟
وبحسب كتاب "ملامح القاهرة فى ألف عام" للأديب الراحل جمال الغيطانى، لا يوجد مرجع تاريخى يحدد هذا التاريخ بالتحديد، ولم تخصص دراسة لرصد تضاريس هذا العالم، ولكن الذى لا شك فيه أن المقهى كان جزءا من الحياة القاهرية، منذ أن اتسعت القاهرة ولم تعد الحياة قاصرة فيها على الخلفاء الفاطميين وحاشيتهم، ولا شك أن المقهى كان موجودا بشكل مختلف عما نعرفه الآن، فالقهوة التى استمد منها المكان اسمه لم تدخل مصر إلا فى القرن السادس عشر الميلادى.
وقيل إن أول من اهتدى إليها هو أبو بكر بن عبدالله المعروف بالعيدروس، وكان يمر فى سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره حين رآه متروكا كثرته، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر، وتنشيطا للعبادة، فاتخذه طعاما وشرابا، وأرشد أتباعه إليه، ثم وصل أبو بكر إلى مصر عام 905 هجريا، وهكذا أدخل الصوفية شراب القهوة إلى مصر، واختلف الناس فى البداية حول هذا المشروع الجديد، وهل هو حرام أم حلال.
فى مطلع القرن العاشر الهجرى، حسمت مشكلة تحريم القهوة أو تحليلها، وانتشرت فى القاهرة الأماكن التى تقدمها، وأطلق عليها اسم "المقاهى"، ويبدو أن هذه الأماكن كانت موجودة من قبل ذلك بمئات السنين، ولكن لم يطلق عليها اسم المقاهى، لأن القهوة نفسها لم تكن دخلت إلى مصر.