عقد المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، أولى الفعاليات الثقافية بين مصر وروسيا، وهى مائدة مستديرة بعنوان "نجيب محفوظ وبونين" الحاصلين على جائزة نوبل فى الآداب، والأمسية ضمن الفعاليات التى تنظمها وزارة الثقافة احتفالًا باختيار عام 2020 عامًا للتبادل الإنسانى المصرى الروسى، وسبق المائدة معرض يحتوى بوسترات وصورًا تعريفية بالتاريخ الإبداعى لكلا المبدعين.
وقال الدكتور هشام عزمى، إن تلك المائدة تأتى ضمن فعاليات عام 2020 الثقافية بين مصر وروسيا، والذى جاء بقرار من رئيسى البلدين ليكون عام العلاقات الثقافية الروسية، ولكى يتوج تاريخًا طويلًا وغنيًا بين البلدين بعد أن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا ليخرج بالشكل الذى يليق بالبلدين وعلاقتهما التاريخية.
وأوضح الدكتور هشام عزمى، أنه في عام 2018 تم الاحتفال بمرور خمسة وسبعين عامًا على تدشين العلاقات الثقافية المصرية الروسية، وأن هذا العام شهد زخمًا حافلًا بتلك المناسبة، وشاركت فيه كل هيئات وقطاعات وزارة الثقافة، وكذلك على الجانب الروسي تم إعداد برنامج متميز يليق بالمناسبة والحدث.
ثم تحدث أمين المجلس الأعلى للثقافة عن بعض من أشكال التعاون التاريخية بين البلدين، وذكر على سبيل المثال، أكاديمية الفنون ودور الجانب الروسي في إنشائها بمعاهدها المختلفة "الكونسرفتوار.. الباليه.. معهد الفنون المسرحية.. معهد السينما"، وعن خريجي جامعات الاتحاد السوفييتى قال إنهم تقلدوا مناصب مهمة وحيوية في كل المواقع والمؤسسات.
ومن جانبها قالت الدكتورة "نينا أسبينسكايا" المتخصصة في الأدب العربي عن أبرز معالم الرواية عند محفوظ والتي ذكرت أن من أوضحها المرحلة التاريخية والعلاقة بين الأحداث والأشخاص، ثم المرحلة الاجتماعية مثل "بداية ونهاية.. والثلاثية"، وتشعر - على حد قولها - أن محفوظ فى مراحله الأولى كانت فكرة استقلال وطنه هي الفكرة السائدة في معظم أعماله، التي أعقبها إعلانه عن فترة "صمت" قال وقتها محفوظ إنه أكمل مهمته الإبداعية، ثم جاء بعد فترة صمت سبع سنوات ليفاجئ الجميع برواية "أولاد حارتنا"، والتي كانت ثمرة صمت طويل وفترة تأمل ليست بالقصيرة.
وأضافت "نينا" أن إبداع محفوظ تجسدت فيه كل أنماط الرواية التي كانت موجودة في أوروبا وقتها بما تحمله من الشعرية والرمزية والاجتماعية وغيرها، وعن النشأة قالت إن حي الجمالية كان له دور كبير في إنتاج محفوظ من حيث الشكل والمضمون والتفاصيل، وتحدثت كذلك عن أن حظ محفوظ في الأعمال المترجمة من العربية إلى الروسية كان كبيرًا وملحوظًا، فقد ترجم له أعمال كثيرة، عكس بونين الذي لم تتح له تلك الفرصة ربما لكثرة أعماله الشعرية، والتي يصعب كما هو معروف ترجمتها.
وعن أوجه الشبه بين الأديبين قالت الدكتورة مكارم الغمرى أستاذ الأدب الروسي بكليه الألسن، إن بوينن هو أول أديب روسي يحصل على جائزة نوبل تمامًا مثل محفوظ الذي كان أول أديب مصري يحصل عليها، بفارق خمسين عامًا، وكلاهما ارتبط بالعمق، فبونين ارتبط إبداعه بالقرية الروسية والفلاح الروسي، ونرى تأثير ذلك واضحًا على أعماله جميعها، الشعري أو القصصي منها، كذلك نرى تأثير زياراته للمنطقة العربية وبلاد كثيرة شرقية أكبر الأثر في أعماله، كما تحدثت عن دراسة قدمتها عام 91 من القرن الماضي عن التأثير العربي والإسلامي بعد زيارات بونين للمنطقة العربية، والتي أعجب بها كثيرًا، فقد كان مولعًا كما وصفته بكل ما هو شرقي، لذا نجد أن أحد روافد شعره هو رافد الفرس والشعر العربي، وكذلك قراءته القرآن بترجمته الروسية، فنجد لديه قصيدته "الكوثر" تأثر فيها بتلك السورة من القرآن التي تحمل نفس الاسم، كما تحدثت عن إعجاب محفوظ بالأدب الروسى.
وقال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، إن اللغة الروسية كانت من اللغات المهمة التي ترجمت إليها أعمال محفوظ، وقد كان عاشقًا للأدب الروسى وبخاصة "تولستوى" الذى كان يشعر بالأسى والحزن لأنه فاز بنوبل وأن تولستوي لم يفز بها.
وعن بعض سمات نجيب الإبداعية قال حمودة إن تعدد الأصوات هو السمة شديدة الوضوح لأدب محفوظ، وأن تلك الأصوات تخوض مسارات متعددة وتنتهي نهايات متعددة أيضًا، كما أن محفوظ كان قارئًا منظمًا دؤوبًا، يضع لنفسه برنامجًا للقراءة لم يهمله أبدًا.