صدرت رواية "هانا سيندا.. سيرة الملك جيرزان" للروائى والصحفى محمد ندا، وتشارك فى معرض القاهرة الدولى للكتاب المقام حاليا، وتستمر فعالياته حتى يوم 15 يوليو الجارى.
وتقوم الرواية على عالم خيالى، يسبق عالم البشر أو يوازيه، عالم قائم على منطق داخلى مستقل، وشروط لا تتطابق مع أحكام الواقع، وإنما تعمد المؤلف اجتراح هذا المنطق الداخلى وخلق أنظمة تشغيل للحياة تختلف تمامًا عن تلك التى نعرفها.
تدور أحداث الرواية فى عالم فانتازى، وتنمو الأحداث وتتطور عبر صراعات عدة بين البشر والأقوام والمخلوقات والعرقيات التى تسود ذلك العالم المتخيل.
من أجواء الرواية:
"أخذنا نتراجع إلى الخلف شيئا فشيئا حتى وصلنا إلى البوابة الشرقية التى خرج منها هاميدان والناجون منذ ليال، واجتمع من تبقى من الجنود خلف أكوام ولم يكونوا كثيرين كما بدأنا، نظرت إليهم أكوام وهى باسمة ثم سارت بينهم بينما هم كانوا متعبين ومرهقين من أثر القتال، حتى أنا لم أكن أستطيع الوقوف على قدمى فقد كنت مصابا منذ أيام فى القتال.
سمعتها تقول للجنود إنه شرف كبير أن أقاتل بينكم أيها السادة والسيدات، لم أكن أتخيل أنه سيأتى يوم أقاتل فيه تلك الوحوش وأنا بين بنى جنسي، لقد هرب أبناؤنا من هذا الجحيم منذ أيام، ليحاولوا بناء حياة أخرى بعيدة عن هنا ولأجلهم سأطلب منكم أن نهجم مرة أخرى على هذه الوحوش فقط، إن شجاعتكم هذه ستروى إلى الأبد، وسأخجل كثيرا إن لم أمت اليوم وأنا أقاتل بينكم أيها الشجعان، هذا فخر كبير سأحمله معى إلى قبرى إن سمحتم لى.
كان الجنود يستمعون إلى ملكتهم وهم يبكون، كانت كلما اقتربت من واحد فيهم ربتت على كتفه أو مسحت دمعة على خده.
صرخ الجنود صرخة قوية أرعبتنى أنا شخصيا بينما كانت أكوام تعود إلى جوارى وهى تنظر إلى وقالت لي: أتعلم أنى أحبك جدا، ثم عانقتنى عناقا قويا وقبلتنى يا غيرزان، ثم قالت لي: وأعلم أنك تحبنى أيضا أيها الشجاع، هيا ربما نكمل حكايتنا فى حياة أخرى يا عزيزي.
صرخت يا غيرزان تلك المرأة الجميلة وهى مبتسمة وقالت "إلى الحياة"، فهرول خلفها جنودها وهم يبكون، وخاضوا معركة أشرس من تلك التى كانت تجرى منذ ساعات، وهرولت أنا خلفها ولا أعرف إن كان لا بد أن أكون سعيدا أم حزينا أم غاضبا، ولكنى كنت أضرب بسيفى كل جارانى أوبارانى أقابله، شعرت أنى أطول من تلك المخلوقات، بل وأقوى منها، شعرت أنى وحش كاسر يخوض البرية، تناسيت ألمى وإصابتي، فقط تبعت تلك السيدة الرائعة، وأشعر أنى مازلت أتبعها.
وصلنا إلى البوابة الغربية الكبيرة مرة أخرى، وقد فقدنا نصف جنودنا ولم يتبق منهم سوى العشرات، وقفت أكوام على الصخرة مجددا وكنت أنا بالأسفل، أنظر إليها مشدوها، أراها تضرب وجنودها كل من يقترب من الصخرة.
تخيل يا رفيقي، امرأة بهذا الجمال تخضب وجهها البراق بالدماء والطين والغضب، ممسكة بسيف وحيد قد تكسرت أطرافه يحيط بها عشرون أو ثلاثون من جنود جيشها هم المتبقون، وأعداؤها يحاولون الفتك بها وهى تناضل ورغم ذلك نظرت إلى وابتسمت وهى تدمع، وقالت كلمة قرأتها على شفاهها وكأنها تودعنى "أحبك".
انهار جامار فى بكاء ونحيب كبير غطى على صوت العاصفة خارج الكهف، فقام غيرزان بضمه إلى صدره وكان هاميدان وتاليا قريبان منهما، فسمعا حديثه كله فاقتربا منهما، وقاما بضمهما أيضا، وقال هاميدان: هون عليك يا رفيقى هون عليك".
تجدر الإشارة إلى أن الكاتب محمد ندا قد شارك فى كتابة فيلم "الغسالة"، ورواية "هانا سيندا" هى عمله الروائى الأول.