صدر حديثًا رواية "الوديعة" للكاتب رأفت محمود، التي تشارك في معرض القاهرة للكتاب، وتقع في 372 صفحة من الحجم المتوسط، وهي رواية تنطوي على مضامين إنسانية وسياسية، ووضح إجادة استخدام الكاتب اللغة العربية الفصحى وبأسلوب سهل وممتع.
وتعكس الرواية عبر أحداثها روح جيل حالي، ومرحلة تاريخية صعبة مرت بها مصر خلال فترة الستينيات والسبعينيات، حيث تقوم الرواية بسرد حياة عدد من الشخصيات، تتغير مصايرهم بعد العبث بصندوق وديعة أحد البنوك تملكه سيدة مصرية من أصل أرمني، والذي يعد كصندوق باندورا الذي خرجت منه كل الشرور، ولتعود صاحبة الصندوق من أمريكا لأخذ وديعتها بعد أكثر من عقدين، لتجد نفسها وآخرون يواجهون عالم خفي يطاردهم ويرغب في قتلهم، ويتم اكتشاف عوالم غيبت عنهم وإنهم كانوا في احتياج إلى تلك المواجهة لاكتشاف حقائق حول أنفسهم والعالم الذي يحيون فيه.
وتستقصي الرواية معاناة الشعوب من قصص التآمر والخيانة، والتي تديرها دول من خلال عرض عوالم مجهولة يكتشفها أبطال الرواية بعد تسرب محتويات الوديعة لأجهزة دول تلهث من أجل عدم اكتشاف أسرارهم التي حبست في صندوق وديعة لمدة أكثر من عقدين من الزمان.
وتتوقف الرواية عند أحداث مهمة منها نكسة 67 ومقتل السادات، وعلاقة ذلك بما يمر به أبطال الرواية، وقد تبدو الرواية اجتماعية في بدايتها، إلا إنه يكتشف الطابع السياسي والتشويقي لأحداثها، فتكاد تقترب من رواية بوليسية من كثرة أحداث المطاردات والقتل داخلها.
وعلى الرغم من أنها التجربة الأولى للكاتب في مجال النشر إلا إنه أجاد البناء السردي للرواية والوصف لشخصياتها، وطريقة العرض لعلاقات أبطالها والذين يظهرون تباعًا، والتي تدور أحداثها ما بين مصر وقبرص ولندن.
وفيما يبدو فإن الخلفية العلمية لكاتب الرواية إفادته كثيرًا في عملية الإسقاط التي تمت على الأحداث السياسية وطبيعة الصراع بين الدول على النفوذ والسيطرة على الشعوب.
جدير بالذكر أن كاتب الرواية حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، ويتخصص في الشأن الإفريقي ويكتب المقال في مجال التحليل السياسي في عدد من المواقع، ويعمل في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.