صدرت طبعة جديدة من ديوان "كن شجاعا هذه المرة" للشاعر الكبير إبراهيم داود، وعن الديوان كتب الناقد رضا عطية فى إحدى المجلات العربية يقول "يأتي النص الشعري لإبراهم داود، كما في هذا الديوان موجزًا في تكوينه التلفظي ومكثفًا في مقولاته الخطابية، وغير مسرف في أساليبه البلاغية وطرائقه التعبيرية في استعمال الأدوات التصويرية والمجازية، هادئ النبرة في بثه الخطابي، كأنّه يُقطِّر خلاصات رؤاه للعالم في تكوينات شعرية بالغة الكثافة والوجازة والاكتناز في تشكيلات الجمل ومساحات القول النصي.
تتبدى مجاهدات الذات في شعر داود من أجل أن تمارس البوح والاعتراف بما يشاغلها ويضغطها وما يساكنها من هواجس، فتدخل الذات في حالة مكاشفة ومواجهة مع نفسها، كما في قصيدة بعنوان «شجاعة»: توجدُ حواجزُ بداخلِك/ وبنادقُ مصوبةٌ من مكانٍ ما/ ولا يوجد زيتٌ في البيت! الكواكبُ القريبة اقتربت من الأرض/ واحتشدت الأمراضُ على أول الشارع أنت في غرفتك/ تشتاق إلى بلادك في النهار/وتدعو لها بالليل ولا تصنع شيئًا آخر. (ص22).
تتكاثر اغترابات الذات بين ما تشعر به من حواجز نفسية بالداخل وتربُّصات الخارج بها، ثمة شعور بموبوئية العالم الخارجي المحيط بالذات: «احتشدت الأمراضُ على أول الشارع»، ما يضاعف الإحساس بالحصار الذي يقابله انكماش الذات في الداخل/ الغرفة، ما يعني الانعزال الوجودي بالتزامن مع الشعور بالاشتياق إلى البلاد في النهار بما يعكس الجدل العنيف الذي يعتمل في دواخل الذات بين الرغبة في الانخراط في العالم الخارجي والإحجام عن ذلك.
ومن أجواء الديوان
ومن إحدى قصائد الديوان:
الزمنُ يراقبُكَ طِوال الوقتِ
ويُمسك بك وانت تعبر الشارعَ
ويسخرُ منكَ
(كان ايقاعك يضبط الإيقاع فى وقت ما
وكان الشارع ينحنى أمام خطواتك)
الزمن لا يعرف الرحمةَ
لأنه لا أهلَ له
ولا أصدقاءَ
.. قيل إنه ولد فى الدلتا
فى قريةٍ.. تُحزّمها الأساطيرُ
وتحكمها الخرافةُ
وقيل إنه تعلّم المشى وهو كبير
وأنه لا يؤمن بالتاريخ