تمر اليوم الذكرى الـ117 على وفاة الشاعر التشيلى بابلو نيرودا، الحاصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1971، ويعد من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيرًا فى عصره، كان ذا توجه شيوعى، كما يعد من أبرز النشطاء السياسيين، وكان عضواً بمجلس الشيوخ وباللجنة المركزية للحزب الشيوعى ومرشح سابق للرئاسة فى بلاده.
وكتب الناقد نضال القاسم، فى إحدى مقالاته المنشورة بعنوان "شجاعة شاعر" وصف فيها الشاعر التشيلى الشهير بـ"أشهر مهرب فى القرن العشرين"، إذ قام بإخراج الروائى الشهير جابرييل جارسيا ماركيز من المكسيك، والقصة جرت عندما قام السفير التشيلى "ريكاردو نفتالى" فى باريس والمعروف بـ نيرودا، بمخاطرة جريئة بكل معنى الكلمة حيث قام بإعطاء جواز سفره الدبلوماسى لماركيز، ليخرج من المكسيك أمام أعين الشرطة بكل حفاوة.
والقصة وراء تهريب نيرودا لماركيز، كانت فى الخمسينيات من القرن الماضى، حين عين سفيراً لبلاده فى المكسيك وكانت السلطات المكسيكية قد أعلنت حالة الطوارئ وراحت تلاحق الروائى الكولومبى جابريل ماركيز بناء على طلب سلطات بلده (كولومبيا) كجزء من حملة إرهاب ضد كتاب اليسار فى القارة الأمريكية الجنوبية، وحين ضاقت بجابريل الأرض لجأ إلى السفارة التشيلية وكان اقتراح نيرودا أن يسافر جابريل ماركيز بجواز سفر السفير إلى باريس!
وبالفعل تمت فصول هذه القصة بسهولة بالغة وكان ماركيز فى المطار يعامل من قبل السلطات ويحتفى به حسب التقاليد الدبلوماسية وما من أحد يشك أن هذا السفير هو ذلك الروائى الهارب الذى تبحث عنه الشرطة المكسيكية فى كل مكان.
ويذكر القاسم أن ماركيز دخل سراً إلى السفارة التشيلية فى المكسيك، وفى داخل السفارة جرت فصول أغرب قصة تهريب لروائى فى القرن العشرين، لما انطوت عليه من معان وقيم وجرأة وشجاعة وأخلاق وتضامن، صارت مثلاً نادراً فى التقاليد الأدبية والأخلاقية والسياسية، وليس غريباً هذا الأمر على شاعر وإنسان كبير مثل بابلو، كان يعيش الحياة والكتابة فى تطابق وعلى مستوى واحد، دون أن يكون الإنسان شيئاً والكاتب شيئاً آخر مختلفاً أو نقيضاً.