صدر حديثا كتاب "الصحفى فى أدب نجيب محفوظ" للدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ويرصد المؤلف دور الطبقة الاجتماعية التى ينتمى لها أديب نوبل فى التأثير على ثقافته ومن ثم تحديد اختياراته فى الحياة ورؤيته للعالم.
يقدم الكتاب صورًا للصحافة والصحفيين أقرب للواقعية وأعمق بكثير مما تقدمه معظم الدراسات الأكاديمية الإعلامية؛ لأن الأدب نوع كتابى عنده من الحرية أكبر من هذه الدراسات بما لا يقارن، مقدمًا رؤى عن هؤلاء الذين يُحبون أن يَسألوا لا أن يُسألوا!
ويعالج هذا الكتاب الذى يعد دراسة جريئة فى علم اجتماع الأدب صورة الصحفى فى جميع أعمال نجيب محفوظ من روايات وقصص قصيرة بدءا من رواية (القاهرة الجديدة) التى صدرت عام 1945 وحتى آخر المجموعات القصصية (أحلام فترة النقاهة: الأحلام الأخيرة) التى صدرت عام 2015 بعد مرور تسع سنوات على وفاة الروائى الفريد.
ومفهوم الصحفى كما قدمه نجيب محفوظ فى رواياته، وفى معْلم رئيس من معالمه، قد شارف على الانتهاء بانتهاء الصحافة الورقية وغلبة الإنتاج الإلكترونى متعدد الوسائط على الإنتاج الإعلامى فى المستقبل، بل وإحلال الروبوت محل البشر فى الإنتاج الصحفي، فضلا عن الضغوط المتعلقة بالملكية والإنتاج، وعلى رأسها التخلى عن الهرم المقلوب والأسئلة الخمسة إلى كتابة أكثر جمالا وعمقا ذات طابع شخصى أو ذاتي.
يذهب الكاتب إلى أن النماذج الصحفية فى أدب نجيب محفوظ لا تخبرنا فقط عن خواص زمنية بالمهنة وقت كتابة الرواية أو القصة بل تتجاوز ذلك إلى الثابت عبر الزمن، ألا وهى الثقافة (بالمعنى الذى تقصده دراسات التحليل الثقافي)، وهو ما جعل نقاد وباحثى أدب نجيب محفوظ يرون مثلا أن بعض نماذج رواية المرايا – التى نشرت عام 1971 لتعبر عن شخصيات شغلت حيزا كبيرا من القرن العشرين – تعيش بيننا حتى الآن رغم رحيل من كتب عنهم الروائي، ثم رحيله هو، ومرور نصف قرن على كتابة الرواية، لأن هذه هى العناصر الثقافية شبه الثابتة التى رصدها نجيب محفوظ بعبقريته وموهبته، وهذه هى خصوصية الخطاب الأدبى الراقي.