نلقى الضوء على كتاب "قيم التقدم" للكاتب طارق حجى، والذى صدرت أعماله الكاملة عن دار النخبة، ويقول "حجى" فى مقدمة كتابه "يحاول الكتاب أن يطرح موضوعًا، ليكون محورًا يلتقى حوله مثقفون كثيرون في مصر اليوم، وقد يختلفون في تفاصيله، ولكنه يبقى مؤهلًا، لكى يكون محل مساحة من الاتفاق تتجاوز مساحات الاختلاف".
وينطلق كل فكر يحتويه هذا الكتاب من إيمان بأن هناك ثلاثة مستويات لثلاثة كيانات: "الإنسانية"، و"الحضارات"، و"الثقافات".
ويقول الكتاب تحت عنوان "الوقت" ما أكثر الذين يتحدثون في واقعنا عن الفارق بين قيمة الوقت عند أفراد المجتمعات الأكثر تقدما وبين قيمته ومعناه لدينا.
ويتفاوت المعنى المقصود من فرد لآخر، فبينما تدل العبارات عند البعض على نظرة خارجية، وربما سطحية للظاهرة، عندما يظنون أن الشعوب الأكثر تقدما في تعاملها مع الوقت هى مجرد شعوب منظمة ودقيقة، فإن البعض الآخر يملك نظرة أكثر عمقا، تدرك أن الأمر أكبر، وأعمق، وأوسع، وأخطر بكثير من مجرد فارق بين شعوب دقيقة في مسألة الوقت، وشعوب أقل دقة في التعامل مع الوقت.
فجوهر الأمر أعمق بكير من كلمات مثل "الانتظام، والدقة، والانضباط، فكل هذه العبارات وعشرات غيرها، هى مجرد المظاهر النهائية لاختلاف عميق في فهم، وتقدير وتقييم بل وتقديس أو عدم تقديس الوقت.
ففى المجتمعات الأكثر تقدما، الوقت هو الإطار الذى من خلاله تتم الخطط وتنفذ وتعد المشروعات وتحول من فكرة إلى واقع، فالوقت هو إطار كل شىء: إطار كل فكرة وإطار كل مشروع، وإطار كل خطة، وإطار كل برنامج، وإطار كل إصلاح بل وإطار كل التطورات الاقتصادية والعلمية والتعليمية والثقافية والاجتماعية.
وبالتالى فإن من لا يعرف قيمة الإطار لا يعرف بالضرورة قيمة أى شيء يمكن أن يحتويه هذا الإطار.